الرئيسية / مقالات
يد يحيى يخلف الدافئة
تاريخ النشر: السبت 18/07/2020 08:47
يد يحيى يخلف الدافئة
يد يحيى يخلف الدافئة

رامي مهداوي
2020-07-18
من الصعب جداً في حياتنا اليومية أن نجد اليد الدافئة معنا في كل زمان ومكان، ومن الصعب أيضاً أن نبحث عنها أو نسأل شخصاً ما بأن يقدمها لنا ونحن بأمس الحاجة إليها، وليس من السهولة أن تجد تعريفاً واحداً لمفهوم اليد الدافئة التي يحتاجها كل فرد من أفراد المجتمع، وعلى الرغم من ذلك نجد الروائي يحيى يخلف_ العم أبو هيثم _ يقدم لنا يده الدافئة لتحضن الفسيفساء الفلسطينية عبر مختلف الأماكن والأزمان.
رواية «اليد الدافئة»، جاءت لتحضن مشاعرنا المفككة والمبعثرة في كافة مجالات الكينونة الفلسطينية، من العائلة، الشارع، العمل، الأصدقاء، الشهداء، الأرض، المرأة الأم والزوجة والصديقة والطفلة، القصص والخزعبلات، الحب، الشجرة، الماضي وعلاقته بالحاضر، الحاضر وعلاقته بالمستقبل، الحركة الطلابية، الموت، الغربة، المُحتل المستعمر الصهيوني، القهوة والشاي والكونياك.
أدخلتني هذه الرواية على الرغم من سهولة كلماتها إلى عمق مضامينها وتشبيهاتها، فنجد كيف هرب الروائي من مُجمّلات اللغة وزخارفها ليقدم الحقيقة لنا كما هي، واستحضر القصص والماضي ليشرح للقارئ المأساة التي نعيشها دون أن نعلم مدى مستوى وجع جراحنا اليومية، لهذا استطاع يحيى يخلف وبلياقة عالية اصطياد كل من يبدأ بقراءة الرواية بجعله أسيراً له لا يحرره إلا عندما يصل النهاية.
وحتى أكون منصفاً مع جميع شخوص الرواية، أستطيع القول: إن جميعهم كانوا مرآة للواقع الذي نعيشه كمجتمع فلسطيني في حاجتنا لليد الدافئة بمختلف جراحنا الفردية والمجتمعية، بالتالي استطاعت الرواية دمج الخاص بالعام وبالعكس، ودمج الخيال بالواقع وبالعكس.
لهذا جعلت الرواية من كل قارئ، وبالأخص إذا ما كان فلسطينياً، يستشعر حاجتنا لليد الدافئة المفقودة بالزمن الحالي، فقد علمتني الرواية أن كل من هو بحاجة لهذه اليد يستطيع تقديمها للآخرين الذين هم بحاجة لها أيضاً، وبأننا جميعاً مهما اختلفت الأدوار التي نعيشها بشكل يومي علينا التمرد على كل ما يخطف لحظات زراعة الابتسامة بأرواح من هم حولنا سواء كانوا أحياء من الصومال أو اليابان، أو من هم أحياء عند ربهم يرزقون في مقبرة أرقام الشهداء.
في الفقرة الأخيرة من الرواية، استطاع الروائي يحيى يخلف أن يلخص الحكاية التي يختزنها الفلسطيني أينما تواجد فوق الأرض أو تحت ترابها، بأننا جميعاً سنوقظ الأرض الطيبة من سباتها بخبطات أقدامنا إذا ما امتلكنا اليد الدافئة لبعضنا البعض.
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017