الرئيسية / مقالات
«حراس الجبل»
تاريخ النشر: الأثنين 28/06/2021 08:59
«حراس الجبل»
«حراس الجبل»

رامي مهداوي
2021-06-26
تقع قرية بيتا (17 ألف نسمة) بين مرتفعات جبلية عدة، بينها جبل صبيح الذي أقيمت عليه البؤرة الاستيطانية، وتسكنها قرابة 50 عائلة إسرائيلية، منذ أيار الماضي، وزير الدفاع آنذاك، بيني غانتس أمر بإخلاء البؤرة لكن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو جمّد القرار. وللتاريخ، كانت بيتا عصية على الاحتلال، فمنذ حاول الاحتلال العام 1988 تشييد أول مستوطنة في جبل العُرمة شرق البلدة، انتفض الأهالي واستشهد 3 منهم وقُتل مستوطنان.
ولا تعتبر محاولة الاستيلاء على جبل صبيح جديدة، فهذه هي المرة الرابعة التي يحاول المستوطنون إقامة بؤرة استيطانية، من خلال وضع كرفانات وخيام، إلا أن أهالي بيتا دائما ما يواجهون تلك المحاولات ويجبرون عصابات المستوطنين على إخلاء الموقع.
الآن، وضمن مقولة الجيل يخلف أجيالا ينتفض «حراس الجبل» ويقضّون مضاجع جيش الاحتلال ومستوطنيه، من خلال عمل شعبي يومي ليقتل الاحتلال الإسرائيلي 4 من أبناء البلدة ويجرح حوالي 500 مواطن.
«حراس الجبل» شكلوا نموذجا في المقاومة الشعبية الموحدة تحت راية العلم الفلسطيني، والجميع دوما على قلب رجل واحد في معركة الدفاع عن الجبل، وهو ما يسهم في تحقيق الهدف المتمثل بطرد المستوطنين الطامعين بأرضنا من خلال استهداف العديد من القرى الفلسطينية في كافة محافظات الوطن.
شعارهم هو «لا نزول عن الجبل» قبل خروج المستوطنين منه وفك البؤرة الاستيطانية من خلال فعاليات أصبحت تسمى الإرباك الليلي تبدأ ليلاً وتستمر حتى ساعات متأخرة في الليل، بهدف إزعاج المستوطنين والتنغيص عليهم، وصولاً إلى إجبارهم ترك هذه البؤرة الاستيطانية.
وهذه المرة، يجب أن نستمع ونتوقف عن إلقاء المحاضرات والتقاط الصور التذكارية، وربما نتعلم من هؤلاء الشباب والشابات وهم يقفون عراة الصدور أمام القناصين والقتلة مع هتافاتهم من أجل الحرية وإيمانهم بنصرهم.
لجان المقاومة الشعبية في المجتمع الفلسطيني أثبت على المستوى العالمي أنه تكتيك هادف وناجح في مواجهة السياسات الاستعمارية. لقد أظهرت ذلك في العديد من المبادرات أهمها ما يحدث، الآن، في القدس في حي الشيخ جراح؛ حيث يمكن للمقاومة الشعبية المستدامة لمكافحة الاستعمار أن تمهد الطريق لاستراتيجيات وطنية للمقاومة بالاعتماد على الدروس المستفادة من الانتفاضة الأولى.
لا يعتمد «حراس الجبل» فقط على تكتيكات المواجهة، مثل التظاهرات الأسبوعية لكنها تقوم على سياسة الشمولية والإبداع. مقاومتهم قد طورت التكتيكات إلى رؤية إستراتيجية تعتمد على المجتمع لإعادة بناء القدرة الجماعية على المقاومة.
وقد اشتمل هذا على توسع قنوات المقاومة لتشمل: استخدام الوسائل القانونية على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي، وجذب التضامن الدولي والاهتمام الإعلامي، والتأثير في الموقف السياسي للعديد من السياسيين الدوليين وخاصة منظمات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي.
«حراس الجبل» كنموذج جديد للمقاومة الشعبية الفلسطينية نقلوا ما يحدث من المحلي إلى الوطني إلى العالمي، وتمت ترجمة الكلمات من خيار تكتيكي إلى خيار استراتيجي على المستوى الوطني الفلسطيني. باختصار، انتقلت المقاومة الشعبية كتكتيك مناهض للاحتلال من محلي إلى عالمي والآن، لديها القدرة على أن تصبح استراتيجية وطنية للمقاومة في جميع نقاط المواجهة كما هي عفوية شعبية يقف الجميع خلفها دون أجندات فئوية.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017