الرئيسية / الأخبار / فلسطين
عائلة "نصاصرة" حكاية صمود تروي معاناة أهالي "طانا".
تاريخ النشر: السبت 17/09/2022 11:54
عائلة "نصاصرة" حكاية صمود تروي معاناة أهالي "طانا".
عائلة "نصاصرة" حكاية صمود تروي معاناة أهالي "طانا".

من بسمة ابو عيادة

"لم أنم ليلة واحدة مطمئنة القلب، فأنا أغفو بعينين قلقتين، مترقبة، وبجوارح حذرة، خوفاً من لحظة غدر، قد أحرق فيها أنا وزوجي وأبنائي داخل هذا الكهف، من قبل المستوطنين، كما فعلوا بعائلة دوابشة من قبل". بهذه الكلمات وصفت "أم نزار" لحظات الرعب، التي تعيشها مع أسرتها كل ليلة، منذ أن قرروا البقاء في كهف على أرضهم بخربة طانا شرق نابلس .

تحدٍ وصمود..

بعد رحلة غير قصيرة، أخذتنا مركبتنا في طريق شديدة الوعورة الى خربة "طانا" التابعة لبلدة "بيت فوريك"، شرق مدينة نابلس، وبينما كنا نتذمر من درجات الحرارة المرتفعة، وهي تقترب من الأربعين، كانت نعمة فواز نصاصرة "أم نزار" تعد خبز الطابون لأسرتها، أمام لهيب الطابون تحت أشعة الشمس الحارقة، دون تذمر، وكأن لسان حالها يقول ان درجات الحرارة مهما اشتدت، لن تكن أشد قسوة من لحظة تهجيرهم من أرضهم.

 

تقول أم نزار البالغة من العمر 50 عام، وهي تمسح عن جبهتها حبات العرق: " انا  أم لخمسة أبناء، ثلاثة منهم من الذكور، أعيش في هذا الكهف، حفاظاً على أرضنا من أطماع المستوطنين، فالاحتلال يمنعنا من البناء، وكل يوم نتعرض للتضييق المستمر من قبل سلطات الاحتلال، التي تمنع وصول المياه والكهرباء لنا، وتغلق الطرق علينا"، ليس هذا فحسب، وتضيف: "كما نتعرض لكافة أشكال الاستفزاز والازعاج من قبل المستوطنين لكي يرغمونا على الرحيل".

 
 


                            "أم نزار من داخل الكهف الذي تعيش داخله"

محاولة قتل..

وتروي أم نزار، تفاصيل حادثة تعرض لها ابنها نزار (20 عاماً) للاختطاف من قبل مجموعة من المستوطنين، وتقول بعينين حزينتين خائفتين: "لقد تبعوه وتربصوا به، وهو يرعى الاغنام، ولما حانت لهم منه فرصة، انهالوا عليه بالضرب المبرح، ولولا لطف الله لقتلوه دون أن يدري به أحد، فقد رأوهم مجموعة من سكان الخربة كانوا يرعون الأغنام في المنطقة، ركضوا نحوهم وخلصوا نزار من بين أياديهم".

لكن هذه لم تكن الحادثة الأولى مضيفةً: "بل إن طفلها محمد (13 عاماً) أيضاً تعرض لموقف مشابه، فقد طاردته مجموعة من المستوطنين بكاميرا طائرة "درون" لتصتدم به، لكنه اختبأ منهم داخل كهف صغير لمدة تزيد عن ساعتين".

خطر مستمر..

وخلال حديث ام نزار عما تعرض لها ولداها،  لم يتمالك ابو نزار دموعه، وبدأ  يضرب بعكازه الأرض ضربات متتالية يخفي به ملامح القهر التي بدت عليه، وتعبيراً صريحاً من أن لا شيء أغلى وأثمن من العرض والأرض.

وتضيف أم نزار بنبرة متمردة على الظلم: "مع هذا فإننا لن نرحل ولن ننهزم، فسنبقى صامدين على أرضنا، مشيرةً: منذ اتخذنا هذا القرار، لم أنم مطمئنة القلب، بل ننام في حالة ترقب دائم انا وزوجي الذي يشاطرني هذا القلق في كل ليلة، من مغبة اقتراف المستوطنين اية جريمة بحقنا أو حتى حرقنا داخل الكهف، كما فعلوا بالأراضي والأشجار المجاورة لنا، وكما فعلوا بعائلة دوابشة عام 2015".

لم تتوقف المعاناة هنا، تضيف أم نزار: "سلطات الاحتلال تَعُد خربة طانا منطقة عسكرية، وهم بين الفترة والاخرى يصدروا قرار يقضي بإخلاء الخربة لمدة خمس ساعات لغرض تدريبات عسكرية لجيشهم في أماكن سكننا ، يتخللها اطلاق نار كثيف وعشوائي، يحدث خسائر مادية لسكان المنطقة، ومن ضمنها اتلاف الطاقة الشمسة للعائلة مصدر انارتنا الوحيد". 

 
 


                        "أبو نزار يجلس صامد على أرضه"

هاجس مرعب..

فيما يصف " ابو نزار" بسام جميل نصاصرة شعور خوفه الدائم على ابنتيه، بقوله "هدول عمري وما بقدر أتخيل حد ممكن يأذيهم ولو حتى بنظرة لأني عايش عشانهم"

مضيفاً: " انه لا يستطيع الخروج من (طانا) الا في اوقات النهار فقط، يخشى لحظة اتصال على هاتفه من زوجته يفيد بأن أحد أفراد اسرته تعرض لاعتداء الاحتلال او المستوطنين".

سألناه: ماذا لو تم اعتقالك من قبل الاحتلال؟ ألجمه السؤال وبقي صامتا لم ينبس ببنت شفه، وذهب في شرود طويل، وكأنه الكابوس الأخر الذي يحاذره كأب، ليس خوفا من الاعتقال، انما خوفا ان تفقد زوجته وابناءه مصدر أمانهم الوحيد.

 

  

ويشير أبو نزار: " إنه تعرض للكثير من المضايقات والتهديدات من قبل المستوطنين، لكنه متشبث بأرضه ولن يتخلى عنها"، قائلاً بحزم: " إن التخلي عن جزء من الأرض يعني التخلي عن فلسطين بأكملها"، مضيفاً:" رغم صعوبة الحياة هنا والقلق وعدم الأمان، إلا أني سأبقى صامداً متحدياً وإن لم يبقَ في طانا سواي".

معاناة طانا..

عائلة نصاصرة، ليست وحدها تعاني هنا، فمساحة طانا تقدر بحوالي عشرة الاف دونم، تسكنها أربعون عائلة، بما يقارب 300 نسمة، يعملون في الرعي والزراعة، كلهم يعانون ويلات الاحتلال.

فمنذ عام 1976 تعرضت لعدة عمليات مصادرة لأراضيها لبناء مستوطنات، كما وهدمت جميع منازلها مرتين، رغم كونها بنيت بتمويل من الاتحاد الاوروبي، وهدم مسجد ومدرسة البلدة الوحيدين، ولا زال الاحتلال يمنع اي اعمال شق وتعبيد للطرق، ويمنع البناء ويعيق عملية توريد الأعلاف للأغنام نظراً لأن سكان المنطقة يعتمدون على تربية الحيوانات، كما ويحرمهم المياه والكهرباء لاجبارهم على الرحيل من الخربة.


 

 

 

 

 

 

 

 

 
 


 
 


 

 

 

 

 
 


 

 

 

 

 

 

  

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017