الرئيسية / الأخبار / فلسطين
" كلمات تعيد الحياة " تقرير : شذى "أحمد رأفت" غضية
تاريخ النشر: السبت 06/12/2014 05:16
" كلمات تعيد الحياة " تقرير : شذى "أحمد رأفت" غضية
" كلمات تعيد الحياة " تقرير : شذى "أحمد رأفت" غضية

 حين احضر له جده حذاء جديد لقدميه، رمى واحدة و ابقى الثانية، وقال " أنا مش زعلان، أصلاً رجلي شهيدة .. بعدين نيال رجلي انها اندفنت بالقدس"!، هو لا يملك سوى قدم واحد بقيت من اثار العدوان الاخير على غزة حين سقط ذاك الصاروخ الأول و الثاني و الثالث على منزلهم، توفي من عائلته 12 فردا و اصيب 20 اخرون وكان هو من بينهم .

نذكره جميعا ذاك المجاهد الصغير محمد صيام ابن ال 14 عاما من غزة، حين بترت ساقه و انتقل الى القدس لتلقي العلاج في مستشفى "مار يوسف "، وبعد 60 يوما ذهب الى مستشفى "تيبيسيك" في مدينة أزمير التركية ليعود في النهاية شهيد ترتفع له القبعات حبا و احتراما.

قبل ان يستشهد محمد، تعرف على فتاة في ال25 من عمرها، كانت بمثابة صديقة مقربة له، اية الديك من مدينة رام الله، حكاية فتاة تفجّر الغضب في شرايينها بعد رؤيتها للإنتهاكات القاسية بحق ابناء شعبها، ابتداءً بحرق محمد أبو خضير، ثم عدوان غزة، و الان محمد صيام و سلسلة مطولة لن تنتهي، قررت اية ان تبتكر نوع جديد من الصمود و الدعم لتثبت للعالم بأن شهدائنا ليسوا ارقاما.

 " شعرت الفترة الماضية بأن ما يحدث في فلسطين ليس امرا عادل ابدا، و وقفة اليأس قتلت بداخلي كل الاشياء الجميلة، كنت اشعر بالاهانة و الذل، و مؤخرا اصبحت اتابع صفحة صديق لي من القدس على موقع التواصل الاجتماعي لأرى آخر الأخبار و المستجدات، كنت اشاهد صورة محمد صيام كل يوم، وأتأمل عينيه المليئة بالأمل رغم كل الألم الذي يحاصره، ومن هنا جاءت فكرة رؤية محمد عن قرب، و تقديم ابسط انواع الدعم له حتى ولو كانت ابتسامة " .

قررت آية ان تذهب لزيارة محمد في القدس، و خلال 25 يوما كانت قد قدمت 6 محاولات للعبور، و بالرغم من صعوبة الأمر الا انها تمكنت اخيرا من الحصول على تصريح، كانوا بحسب ما وصفت اسوأ 25 يوما في حياتها.

"كانت المرة الأولى التي اذهب بها الى القدس في 18-9، رافقتني صديقتي لتدلني على الطريق، كنت حينها بحالة يرثى لها، عصبية المزاج و متقلبة المشاعر، الا انني كلما اتذكر بأن لقاء محمد اقترب اشعر بأن ماء باردة تثلج حرارة القهر بداخلي، وحين وصلت المستشفى شعرت بأن قدماي لا تحملاني وخفت ان ابكي امامه واعطيه طاقة سلبية بدلا من الايجابية الدعمة لنفسيته، بالرغم من انه كان يستقل غرفة في الطابق الاول، لكني لامست طول المسافة، كنت احضر له حديث طويل لأسرده على مسامعه عند وصولي، لكن الصمت كان ضيفا ثقيلا عليَّ حين وصلت اليه و شاهدته عن بعد ".

ما لبث ان انكسر حاجز الصمت بينهما، و بدأوا بتبادل اطراف الحديث، هو لم يشعرها بأنه مريض وهي كأنها لم تأتِ بصفتها زائرة، قدمه المبتورة مخبئة تحت الفراش، و وجه المبتسم لم يفارقه ابدا، كان تصريح ايه حينها لمدة 4 ايام، لم تفوّت يوم الا وزارته به.

"كانت عبارات الشكر تخرج من قلبه وكأنني صنعت له شيئا كان اشبه بالمستحيل، احضرت له هاتف متنقل كي ابقى على تواصل معه و يستطيع هو مشاهدة بعض الافلام عن الأطراف الصناعية، كنت اشعر معه بأني ابنة ال10 سنوات، اضحك من القلب، و الاعبه من القلب، و اصنع له كل الاشياء التي يرغبها من القلب، وحين جاء وقت وداعه الاخير وعودتي الى رام الله، بقي على تواصل معي على الهاتف للإطمئنان عليّ، وكلما رن هاتفي و وجدت رقمه كنت اتمنى لو انني لم اتركه و بقيت معه، ساعات من الفرح كانت كفيلة بملأ قلبينا بالسعادة حتى آخر اليوم ولم اكن اعتقد انها ضحكتنا الاخيرة "

انتقل بعدها محمد الى تركيا لإستكمال علاجه، لكنه استشهد هناك، ولم يعد الى وطنه و احبته، كانت آية تخطط لكل الأشياء الجميلة كل تصنعها مع هذا الطفل لكن قطار الموت كان اسرع.

ومن هنا جاءت فكرة كتاب " لمن استحق الحياة " الذي قررت آية كتابته و تصميمه و طباعته بشكل شخصي، وهو عبارة عن الذكريات الجميلة التي عاشتها آية مع محمد، و صور من جميع انحاء العالم للتضامن و الوقوف مع هذا الشهيد البطل .

" حين كان محمد على قيد الحياة جاءت فكرة الكتاب، كنت ارغب بكتابة كل مراحل علاجه وحياته و اصداره في يوم ميلاده ب 19-4 و العديد من الفعاليات الاخرى، أما المبلغ الذي سأحصل عليه من بيع الكتب سيكون لمساعدة محمد وما تبقى من عائلته، لكن الموت فهو الشيء المفاجئ وغير المتوقع الذي باغت احلامي" .

ومن الجدير بالذكر ان الكتاب جاهز الآن و ستصل النسخة الاولى الى عائلته في غزة يوم الاثنين، و 40 نسخة اخرى للبيع و التوزيع بأكثر من مكان، أما عن مخططات آية المستقبلية، فهو كتاب آخر عن الاعمال الخيرية التي ستقوم بها آية و جميع اصدقائها من جميع انحاء العالم عن روح محمد الخالدة و الباقية في قلوبنا جميعا.

" محمد ما مات..محمد لسا هون .. وليس هناك ما انهي به حديثي فكل الكلام في حضرته ستبقى متجددة، ومهما فعلنا لن نعيد له الحياة، لكن يكفي ان تبقى بقايا عائلته مواصلة مع الحياة"، كلمات اخيرة نطقت بها آية بعد انتهاء قصة الصداقة التي قصفتها قذائف الاحتلال الغادر، نوع جديد من الدعم والمساندة لشهدائنا الأبرار، و فكرة تخلّد الذكريات والخير و تصنع من مستقبلهم كتاب موثق بكل معاني الحب و التقدير حتى اخر يوم في الحياة، آية مثال مصغر لآلاف الفلسطينيين الرافضين لواقعهم، لكن الرفض وحده لا يكفي، كن انت نواه التغيير كما رغبت آية و فعلت.

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017