الرئيسية / مقالات
بائع الجرائد .. عاش شريفاً عفيفاً، ومات حراً ابياً بقلم تيسير نصر الله
تاريخ النشر: الأحد 22/02/2015 12:26
بائع الجرائد .. عاش شريفاً عفيفاً، ومات حراً ابياً  بقلم تيسير نصر الله
بائع الجرائد .. عاش شريفاً عفيفاً، ومات حراً ابياً بقلم تيسير نصر الله

 لم يحمل ألقاباً، ولم يتدرج في المستوى السياسي، ولم يخالط المشاهير، ولكن ما يحّيرني به هو هذا الاحتضان الكبير له من قبل عامة الشعب، ورجال الصحافة والإعلام، ورجال الأعمال والسياسة، لماذا هذا التوحد في رثائه، وهذا الإنتشار في تبنّي حالته وصورته، رغم أنه بائع جرائد، عرفه الجميع بهذه المهنة، ولم يكن لأحد عليه دين، أو واجب، كي يرثيه، أو يجامله، أو يكتب عنه حرفاً، ولكن الغريب أن العديد من الكتّاب والصحافيين بادروا للكتابة عنه، وأنا واحد منهم، ما الذي دفعنا لذلك، لا أعتقد بالمطلق أنه رياء أو نفاق، فالرجل صار في دار الآخرة، ولكنه الإيمان بالنقاء، والعفوية، والإنحياز لنماذج ساطعة في كفاحها وبساطتها، وسعيها نحو العيش الكريم، إنه نموذج لكل الذين بنوا أنفسهم من اللاشيئ، واحترم ذاته، وآمن بأن العمل الشريف النظيف لا عيب فيه، وبأن الفقر ليس عيباً، بل العيب أن لا تعمل بشرف وجد واجتهاد، والفقر لا يعني أن لا يكون لديك أسرة شريفة محترمة، أو عدم الحصول على الشهادات العليا يعني أنك جاهل، بل أثبت أبو خليل السنونو في رحلة حياته القاسية والشاقة منذ رحيله الإجباري عن بلده الأصلي بأنه رجل أنشأ أسرة متواضعة، ولكنها محترمة بشهادة الجميع، أبناؤه كانوا عوناً له في مسيرة حياته العملية، ولم يتوانوا لحظة عن تلبية نداء الواجب الوطني، فكان منهم الأسير، وكان منهم الشهيد، وكانوا جميعاً من رواد العمل التطوعي والإجتماعي، يعملون بصمت، ولا ينتظرون مقابلاً لعملهم، مبدأهم: الوفاء للوطن، وهاجسهم: خدمة أبنائه.

لا أتمالك نفسي وأنا أكتب عن هذا الرجل العظيم، والمكافح، أعمى البصر وليس البصيرة، إلاّ أن أدعو الله أن يرحمه بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان على فراقه، وحق لهم أن يفاخروا به الدنيا، وأن يشار لهم بالبنان بأنهم من أسرة أبو خليل أبو عيشة، ( السنونو ) بائع الجرائد، الذي تفتقده نابلس بأزقتها وشوارعها ومبانيها القديمة، ويفتقده مخيم بلاطة بكل أبنائه ومناضليه، فإلى جنة الخلد أيها الشريف العفيف النظيف.

بقلم: تيسير نصر الله/ عضو المجلس الوطني الفلسطيني
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017