الرئيسية / مقالات
لما كرّرت حماس نفسها بنشر التسريبات؟، وما فائدة ذلك ؟
تاريخ النشر: الثلاثاء 24/03/2015 19:39
لما كرّرت حماس نفسها بنشر التسريبات؟، وما فائدة ذلك ؟
لما كرّرت حماس نفسها بنشر التسريبات؟، وما فائدة ذلك ؟

 تقرير تحليلي: إيمان فقها

بعد تكرارها عبر سنوات عديدة نشر تسريبات وفضائح ضد السلطة الفلسطينية ومحمود عباس، عقدت حركة حماس يوم السبت الموافق 14/3 مؤتمراً صحفيّاً في غزة يعرض مقاطعاً صوتية توثق كلاماً لبعض من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي أعدّت وجمعت معلومات عن المقاومة وسلّمتها لضباط أمن السلطة في مدينة رام الله حسب قولها.

حيث كشفت وزارة داخلية غزة خلال المؤتمر عن خريطة ضبطت جواسيس لأجهزة مخابرات السلطة في رام الله، ووثائق أمنية عديدة أطلقت عليها "الخطيرة جداً" تظهر جلّ التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتظهر الفيديوهات التي عرضت في المؤتمر اعترافاً من خلال تسجيل لإبراهيم المدهون، والذي يعمل في جهاز(17)، أنه تلقى اتصالات مع سامي نسما نمير المخابرات في السلطة الفلسطينية التابعة لغزة يطلب منه تنفيذ هجمات بمساعدة عدد من الأشخاص لقاء تثبيت رواتبهم، وتسجيل صوتي للضابط في جهاز الأمن الوقائي سابقاً والهارب من غزة لرام الله حاليّا فايز ناصر العايدي مع أحد الجواسيس الذين جنّدهم للعمل ضد المقاومة في غزة، يطلب منه أسماء أشخاص من الجبهة الشعبية الذين كان لهم دور في العمل المقاوم خلال الحرب، وبعدئذ تسجيل للشخص نفسه مع أحد الجواسيس يطلب منه هيكلية العمل العسكري لأشخاص من الجهاد الإسلاميّ، يُذكر أن العايدي تم الكشف عن تورطه سابقاً بإعطائه معلومات للاحتلال، وقصف مجاهدين في غزة وبيوت سكنية.

ويكمل الفيديو تسجيل لأحد المتعاونين مع أجهزة الأمن في رام الله عيسى سعيد رفيع، والذي يعمل بجهاز الأمن الرئاسي مع أحد الجواسيس يطلب منه تغطية عرض عسكري للجهاد الإسلامي وتصوير أيّة أسلحة أو صواريخ جديدة يتمّ عرضها، ومن ثمّ تسجيل لأحد ضباط الأمن الفلسطيني والذي يقيم في الأردن مريد الدجاني يطلب من أحد الجواسيس تزويده تفصيلياً بآلية عمل المقاومة في غزة.

ويتابع الفيديو تسجيلاً لخميس العجوز وهو من جهاز الأمن الوقائي مع أحد الجواسيس يطلب منه تقريراً حول نفق في الشجاعية يتبع للمقاومة في غزة.

من جهة أخرى يبيّن الفيديو أيضاً الضابط في الأمن الوقائي والهارب إلى مدينة رام الله أحمد أبو شوقة، والذي عمل على متابعة العديد من الأشخاص في غزة ليطلب معلومات عن المقاومة في قطاع غزة، وأيضاً الأشخاص المنتسبين للأجنحة العسكرية، وأماكن وجود الأسلحة الثقيلة، ومراقبة منصات الصواريخ في آخر عدوان على غزة، وأظهر اعترافاً منه يوضح ماهيّة تكليف الأمن الوقائي له بمراقبة عناصر القسام من عام 2004 حتى منتصف 2014 ، واستشهاد أحد المقاومين بسببه.

خلال المؤتمر يذكر سامي أبو زهري وهو الناطق  باسم حركة حماس أن حصار غزة هو السبب الذي دعا لقيام بعض من الجهات الأمنية في رام الله باستهداف غزة بطرق مختلفة من خلال الظروف الصعبة التي عانت منها لبثّ حالة من الفوضى والفلتان الأمنيّ، ونشر العديد من الحوادث الأمنية من حرق وتفجير وغيرها.

ويحمّل الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم المسؤولية عن كل ما جرى لمسؤولي الضفة الغربية لعدم متابعتهم عمل الأجهزة الأمنية فعديد من الملفات تنتظر قرار الوزير للوقوف عليها، وبين أن حكومة التوافق منذ بدء عملها حتى هذا اليوم اقتصرت على الضفة الغربية ولا تتواصل مع أي وزارة في غزة، ولا تمنحها الميزانية التشغيلية اللازمة للعمل.

وفي الردّ الأول  يذكر اللواء عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية عبر مؤتمر صحفي عقده أن كلّ ذلك "افتراءات" و "فبركات"، وطالب حماس بتقديم أية معلومات عن اغتيال محمد الضيف، وسعيد صيام، والجعبري، والمبحوح، والعطاّر، وادّعى الضميري وجود مخطط بين دحلان وحماس ليبقى الانقسام موجوداً.

يبدو جليّاً أن وضع الخلافات ما بين الحركتين عاد مجدّداً، وهذا ما أكّد عليه عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية صالح زيدان في حديث مع "الاستقلال" قائلاً أنّ التراشق الإعلامي ما بين الحركتين دليل واضح أن كلا الفصيلين أصحاب مصالح فئوية ضيقة، لا يأخذون بعين الاعتبار مصالح الشعب الفلسطينيّ.

ويطالب زيدان من خلال حديثه التوقف عن هذا التراشق، والتوجّه لمبدأ الحوار الشامل.

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية صقر جبالي "بما يتعلق بالتسريبات الصادرة عن حماس التأكد من صحتها هي بحاجة لإجراءات فنية أكثر من نظرية، وبغض النظر إن كانت صحيحة، وأتمنى ألا تكون كذلك، فالأجواء منذ حكومة الوفاق وما ترتب عليها من إجراءات من أجل المصالحة الفلسطينية بعد اتفاق الشاطئ الذي جرى بين منظمة التحرير وحماس كان من المفروض تطبيقه على أرض الواقع".

ويؤكد جبالي أنّ كل المناوشات بين فتح وحماس لا تصب في صالح الشعب والمصالحة، فكان يجب أن يتمّ أخذ مثال ونموذج واضح للاستفادة منه ألا وهو من الفلسطينيين الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل "فلسطينيو 48" ،عندما توحدوا واندمجوا بغض النظر عن شيوعيتهم أو إسلاميتهم، وقاموا بإعداد قائمة موحدة لمواجهة خطر الصهيونية الذي يهدد الجميع.

وينوّه جبالي على أهمية التوحد ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتأجيل كل أمر خاصة بعد تجدّد الدورة الرابعة والذي أعلن نتنياهو من خلالها أنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية، وحول آثار التسريبات على الحركتين يتمنى جبالي ألا تكون صحيحة، فلا يوجد فلسطين حرّ يسربّ لعدوه معلومات تفيده، وجب عدم التعامل معه بأي شكل، وإن كانت صحيحة يجب التعامل معها بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني فقط.

فيما يذكر أحمد عزم من خلال مقال نشر له على موقع "أفكار ومواقف" أنّ ما يحدث هو حالة اختلاط كاملة، فتبدو الحكومة الفلسطينية كالحاضر الغائب، فهي من يتهم بالتقصير، ويجب أن تتابع التحقيقات وكل الاتهامات، ولكنها غائبة، ولا يوجد مجلس تشريعي أو وطني فلسطيني يتابع سير الأحداث.

يتابع عزم حديثه بقوله أن هذه الاتهامات وتداعياتها ومعانيها أكبر من أن تعالج ببيان أو مؤتمر صحفيين، هي قضايا تحتاج للجان تحقيق وطنية فعلية شفافة، من شخصيات مشهود لها بالنزاهة، ويجب أن يصدر تقرير متكامل يحدد لا حقيقة الاتهامات فقط، ولكن أيضاً يحدد طبيعة العلاقة بين الأجهزة الأمنية في غزة والضفة الغربية، ودور الحكومة والفصائل.

وينهى عزم مقاله بالقول إنّ الباب الذي دخلت منه الاتهامات الأخيرة "الخطرة جداً" والتي تحتاج لإجابات شفافة، كما دخل منه مد "حماس" وفصائل أخرى علاقات مع أنظمة دولية، كما قضية دحلان وعلاقاته مع أنظمة وفصائل هو باب نقص المرجعيات القضائية والوطنية والسياسية الجامعة، وهلامية مؤسسات العمل الفلسطيني، خصوصاً أطر منظمة التحرير الفلسطينية.

سنوات عدّة وحماس تتبع نفس الأسلوب بنشر الفضائح والتسريبات التي تتهم بها السلطة الفلسطينية وعبّاس بالتآمر مع الاحتلال الإسرائيلي ضدّها، لكن كل ذلك لا ينحو وراء الهمّ الفلسطيني، والوقوف يداً بيد نحو تحقيق المصالحة، وإنهاء الانقسام، هذا ما يتفق معه الكاتب مصطفى إبراهيم من خلال مقاله الذي نشر على موقع "معاً" ذاكراً أن الهدف  من تلك "الاتهامات" تسجيل مواقف سياسية لن تخدم حتى الآن أحد بما فيها حماس، وأن هناك جناة مجهولين وربما معلومين ما زالوا طلقاء ولا يدركون أهمية وقيمة المركز الثقافي الفرنسي المغلق حتى الآن وما لذلك من دلالة سياسية وثقافية في المشهد الغزّي الذي يفتقد للنشاطات الثقافية والفنية التي يقيمها المركز منذ أكثر من عشرين عاماً.

وينّوه إبراهيم أن  هذا الأسلوب من التسريبات لم يجدي ولن يحقق أي انجاز سياسي أو حتى جماهيري لحركة حماس فهي تخاطب جمهورها ونفسها، وكل له رؤيته وتقديراته و قناعاته تجاه ما يجري، والاستمرار في تكرار المكرر هو عبث وتضييع وقت وتعميق الأزمة وفشل لما تقوم به حماس في علاقتها بالناس، ولن تستطيع القيام باختراق جديد، وهناك كثير من التفجيرات ما زالت غامضة ولم يتم الكشف عنها. وسرعان ما ينسى الناس كل تلك التسريبات حتى لو أصرت حركة حماس واستمرت في الترويج إعلامياً لها فهي ضمن مسلسل الانقسام ومحاولة فاشلة من الطرفين التأثير في الآخر.

يذكر المواطن محمد سلامة من غزة "تصريحات حماس ليست غريبة إنما تأتي في إطار الخلاف الحاصل بينها وبين حركة فتح، صحيح أن ما عرضته مؤلم وغير مقبول خاصة أن الاتهامات (خطيرة)، ولكن هذا هو الواقع الذي لا يمكن تجاهله أو إغفاله".

 

ويرجّح سلامة بحسب مكان سكناه أن الاتهامات قد تكون صحيحة جراء الأحداث التي وقعت في قطاع غزة مؤخراً، وهناك ثقة بدور الأجهزة الأمنية في غزة لسبب وحيد أنها لا ترتبط بأي جهة خارجية وخاصة الاحتلال على حدّ قوله، ففي غزة لا أحد يشعر بمعنى بالمصالحة، وبالعكس فشعورهم الملحوظ أن السلطة تتجاهل معاناتهم، وهي إحدى عوامل الحصار المفروض عليهم.

 

ويوضح سلامة أن هكذا اتهامات نوعاً ما لتوضيح الحقائق، ف المؤتمر لو جاء عند تشكيل الحكومة واتفاق المصالحة لتمّ التوافق أنه يعارض تحقيقها، ولكن الحديث عن أكثر من 9 شهور ولا جديد، وما كشفته حماس دليل على أنّ السلطة سبب رئيسي في تعطيل المصالحة.

 

وفيما يخصّ الاتهامات يبين سلامة أنه في كل الأحوال حتى لو كانت الاتهامات لخصوم حماس فإنها تضر بسمعة الشعب الفلسطينيّ، الأصل أن يترفع المسؤولون عن هكذا أفعال، لأن المتضرر هو أبناء الشعب الواحد، عدم الثقة بين الناس وزيادة الخنق جراء هذه التصرفات التي قام بها المتهمون ربما يؤدي إلى مزيد من الاتساع في الفجوة ولكن في كل الأحوال الخطأ لا يمكن السكوت عليه

 

وينوّه سلامة أنّ هذه الاتهامات والمؤتمرات أثبتت أنها عديمة الجدوى خاصة أنها ليست الأولى، كل ذالك جراء الانقسام الحاصل وعدم الثقة من كلا الحركتين في الآخر ولذلك تستهدف حماس خصومها بالتشهير، وأيضاً تطمئن جمهورها بأن الأمور تحت السيطرة، ويتمنى سلامة ألا يقحم المواطن ويرهن بالمال لتنفيذ مخططات ليست من أخلاق الشعب الفلسطينيّ

 


 

 

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017