الرئيسية / مقالات
روسيا و امريكا ..ايران وتركيا ونحن بقلم سامر عنبتاوي
تاريخ النشر: الأحد 20/12/2015 05:02
روسيا و امريكا ..ايران وتركيا ونحن بقلم سامر عنبتاوي
روسيا و امريكا ..ايران وتركيا ونحن بقلم سامر عنبتاوي

   يتهم البعض الفلسطينيين بانهم انانيين كون النظرة الفلسطينية  الى المحيط العربي و الاقليمي غالبا ما تنطلق من موقف هؤلاء تجاه القضية الفلسطينية ..فيوضع البعض في صف الملائكة و الآخرين في صف الشياطين ..وان الفلسطينيين يبالغون  في التقييم و تسيطر الانانية عليهم في المواقف و التحليل...و من يقول بهذاالطرح يذهب الى ان العالم لم يبدأ بفلسطين و لن ينتهي عندها ..و ان العالم كله تحكمه المصالح فلماذا تحاسبونه على مواقفه ..و ينسى هؤلاء ان للفلسطينيين مصالحهم ايضا ..فهل من حق العالم ان يسعى لتحقيق مصالحه و يتوقف الامر على الفلسطينيين و هم من يجب ان يدير الخد الايسر بعد لطم الايمن..

هؤلاء يقولون بان هناك قضايا اهم من قضيتكم ..كالعالم الاسلامي و ما يحاك له ..و الامة العربية و ما تتعرض له ..و انتم لستم وحدكم من يتعرض للخطر و الموت و التدمير ..الا تنظرون حولكم ؟! كفاكم شوفينية و كفاكم نرجسية و لا تمثلوا دور المسيح فلستم وحدكم من يعاني و لا يجب ان يدار العالم العربي و الاسلامي لحسابكم ..اخرجوا من هذه العقدة و انظروا للعالم كما يريد هو لا كما تريدون انتم ....فهل هذا الطرح له ما يبرره ؟! هل نحن الفلسطينيون عبء مزعج على العالم العربي و الاسلامي ؟! هل نحن ندعي ( الهولوكوست ) الفلسطينية و نصف الصهيونيين بنازيي العصر تبريرا لمواقفنا و استدراجا للعطف و الدعم؟ هل نحن نستخف بحياة الشعوب العربية و الاسلامية و نقدس دمائنا و تضحياتنا فقط ؟ باختصار هل نلعب دور الضحية و الآخرين حتى من يساعدنا اصبحوا يملون هذا الدور ؟!

 

و من ناحية اخرى هناك من يقول بان العرب هم ايضا لا يعون مصالحهم و لا يقيمون العالم بشكل منطقي و تتركز رؤاهم على منظور ضيق بعيدا عن لغة المصالح ..و هم بذلك لا يجيدون تحليل المواقف و التوجهات و يقعون فريسة للتناقضات الاقليمية و العالمية ..بل هم غالبا ما يكونون وقودا للحروب الساخنة و الباردة في العالم..و بذلك فهم ليسوا ضحية بقدر ماهم لا يعرفون مواطن الضعف و القوة لديهم ..و لا يستفيدون من المقدرات و يلهثون وراء فتات العالم عن سابق اصرار .
 
اردت ان ابدأ بهذه المقدمة لان هناك حالة تخبط و التباس تسود المشهد السياسي في المنطقة و العالم ..و هناك تباين بل تناقض في تحليل مواقف و توجهات القوى الاقليمية و العالمية ..فنرى بيننا من يتماهى مع بل يستميت في الدفاع و التبرير لمواقف الدول التي يعتبرها في الاتجاه الصحيح ..و تعبر بالنسبة لهم عن امل المستقبل و الخلاص من جحيم الحاضر ..فيتوه هؤلاء باشكالية التحليل الايجابي لمواقف هذه الدول بحيث يصبح التحليل معتمدا على التمني للمواقف بدلا من التحليل العلمي و المنطقي لها ...و بذلك يبررون ما تقوم به هذه الدول و يسعون جاهدين لاثبات صحة مواقفهم حتى لو جانبوا الحقيقة و لم يعترفوا بالممارسات على ارض الواقع ..و ساحاول في هذه السطور القليلة التطرق الى مواقف قوتين عالمييتين و اخريين اقليميتين في تحليل بعض مواقفهم و الوصول الى تحليل المواقف العربية بشكل عام و الفلسطينية بشكل خاص عسى ان يسهم ذلك بالقاء الضوء و محاولة تفسير بعض الغموض القائم .
 
امريكا ..لعبت دور شرطي العالم و وضعت ( المخفر ) في الشرق الاوسط و اسندت ل( اسرائيل ) مهمة الشاويش على باب السجن ..و خاضت الحروب الجوية و البحرية و الارضية ..و عبثت بالمكونات الحضارية و الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية لدول المنطقة ..فسمحت لنفسها بان تفرض سياستها و مصالحها على دول المنطقة مستغلة لانهيار الاتحاد السوفييتي و انتهاء الحرب الباردة ..و مستغلة ايضا لاحداث 11 سبتمبر لتبرير الحروب و التدخل بالدفاع عن النفس و حماية المصالح الامر الذي اجازته ل ( اسرائيل ) و بنفس المنطق ..دفاع عن النفس و حماية الامن و الدفاع عن المصالح ..و هي ليست مفارقة ابدا ان نجد ان المصالح الامريكية و الاسرائيلية متوافقة بل متماثلة الى ابعد تقدير ..و بذلك خاضت امريكا الحروب بشكل مباشر او غير مباشر و تدخلت في سياسات الدول و مارست سياسة العصا و الجزرة تجاه دول المنطقة و هي ايضا ( وحماية لمصالحها ) دعمت دول التخلف و الدكتاتورية و الجهل و حاولت منع اي امكانية للتقدم و الوحدة و بناء القوة في العالم العربي ..و استفادت من ذلك بل و دعمت و اثرت فيه حليفتها و ربيبتها  ( اسرائيل )..فهل هناك من تقاطع بين مصالحنا كعرب مع هذا الحلف الدموي ..الامريكي – الاسرائيلي ؟! 
روسيا ..خرجت روسيا من رحم الاتحاد السوفييتي المنهار و بتأثير مباشر من الولايات المتحدة ..بعد الخسارة التي مني بها السوفييت التي كان من اهم اسبابها حرب النجوم التي اعلنها الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغان ..اضافة الى حرب الاستنزاف التي تعرضوا لها في افغانستان و التي دعمت من قبل الامريكان و حلفائهم من بعض الدول العربية ..ناهيك عن حروب الاقتصاد و النفط التي دعمت من نفس التحالف و حالة الحصار و العزل ...اذن من هذه البيئة خرجت روسيا و استسلمت للهزيمة لسنوات ثم بدأت في استعادة العافية تدريجيا مستفيدة من الفشل العسكري الامريكي في المنطقة و تراجع سياساتها ..و الازمات المالية التي مرت بها اميريكا...و روسيا ايضا تسعى الى مصالحها و اعادة بناء قوتها و اجواء التنافس و الندية مع الولايات المتحدة ..و فعلا عبرت هذا الدور بجدارة فاجأت الكثيرين .. و بدأنا نشعر بتراجع حالة القطب الواحد في العالم الى تعدد الاقطاب الامر الذي يشكل انتقالا افضل للحالة العربية و خروج من هيمنة امريكا على العالم و المنطقة مع عدم اهمال امكانية التقاسم للامتيازات و النفوذ بين القوتين .
ايران ..دولة اقليمية قوية و كبيرة ..لها امتدادات اقليمية واضحة بحكم توجهها الشيعي و قد استطاعت بعد ثورتها على الشاه و بعد خروجها من الحرب الدموية العنيفة مع العراق ..استطاعت استعادة عافيتها و بناء القوة الذاتية و امتداد نفوذها الاقليمي و تأثيرها في الاحداث و عادت لتصبح قوة اقليمية لا يستهان بها و يحسب لها الحساب و لا يستطيع احد استثنائها و استبعادها عن المشاركة في صياغة مستقبل المنطقة ..و قد ادت دور الدعم و المساندة لقوى المقاومة في المنطقة حتى اصبحت عنوانا بارزا لها .
تركيا ..وريثة الامبراطورية العثمانية استطاعت ان تنهض اقتصاديا و اجرت تحولات داخلية نقلتها من حالة الضعف الى القوة الاقتصادية و من حالة السيطرة اللادينية و الاغراق في العلمانية الى سياسة الحزب الديني الذي يحكم بالقبول و مراعاة قواعد العلمانبة في البلد ..و بقيت سياسيا ضمن حلف الناتو الذي يحتفظ بقواعده على اراضيها ..و ظلت تلهث وراء عضوية الاتحاد الاوروبي رغم كل الصعوبات ..و اطلقت شعار صفر مشاكل مع الجوار الذي تبدد سريعا و تحول الى حالة من النزاعات الجدية مع الجوار وصلت الى دولة عظمى (روسيا ) وذلك نتيجة لتدخلها في دول حدودية بدعم اطراف الصراع فيها كسوريا و العراق .
اما نحن ( العرب ) فما نظرتنا لما يحصل؟ و ماهي مواقفنا ؟و هل نتعامل مع القوتين العظميين و الدول الاقليمية بحكمة و لغة مصالح ؟ و ما معيار مواقفنا و تحالفاتنا ؟ و هنا نعود لنقطة البدء ..فليست نرجسية و لا شوفينية تلك الحقيقة التي تقول ان معيار موقفنا من اي قوة دولية او اقليمية في العالم و المنطقة ينطلق و يجب ان ينطلق من موقف هذه الدول تجاه دولة الاحتلال ..و الاسباب كثيرة و واضحة و منها ما قالته وزيرة خارجية السويد بان( اسرائيل ) مسؤولة عما يحصل من حالة عنف في المنطقة و تلاها الكثير من التصريحات الغربية بنفس التوجه ...ان دولة الاحتلال و من خلفها الولايات المتحدة مصحوبين بتواطؤ بعض دول المنطقة يسعون جاهدين لطمس القضية الفلسطينية و الاجهاز على الشعب الفلسطيني ..و وأد حضارة و تراث الشعوب العربية ..و انهاء التوجهات الاقليمية و الثورية في المنطقة و محاربة تشكيل وحدة الشعوب و الاستفادة من مقدرات الشعوب و حرف البوصلة و استبدال الاعداء و توريط الجيوش العربية بالحروب الداخلية تحقيقا للمصالح الامريكية و حماية و دعما لدولة الاحتلال و مخططاتها ...و يندرج تحت ذلك ( الحلف الاسلامي) الذي يجهز ..و التوجهات ( المصلحية ) لتركيا مع ( اسرائيل ) ...هذه هي مصالحهم و لنا مصالحنا ...نحن لسنا في الجيب الروسي او الايراني و لكن على الاقل قد تنسجم مصالحنا مع مصالحهم في محاربة الهيمنة الامريكية و مواجهة المخططات الاسرائيلية ...و اكيد ان مصالحنا لا تنسجم مع توجهات سياسة المحاور و الاحلاف ...و لا سياسة التدخل التركي الداعم لنزيف الدم العربي هذه السياسة التي توجت باتفاق مصلحي بين تركيا و دولة الاحتلال تتخلى فيه الاولى عن المطالبة بفك حصار غزة ..و تقبل ان تكون ممرا لسرقة الغاز الفلسطيني و ايصاله الى اوروبا عبر اراضيها ...كما سرق النفط السوري و العراقي و على نفس الارض ..اذا كان التركي يتحدث عن مصالحه و مسابقته القبارصة و اليونانيين في سلب الغاز الفلسطيني فلا يدعي قيادة العالم الاسلامي و احتضانه للمقاومة .
 
نحن العرب لنا حقوقنا المشروعه و لنا متطلباتنا و الفلسطينيون هم رأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيوني الذي يهدد كامل المنطقة و لنا الحق في الدفاع عن انفسنا و رفض الوصايات و حرف البوصلة ..نحن لسنا انانيون بل واعون لما يحاك يهمنا الدم ااسوري و العراقي و اليمني و الليبي و كل الدماء العربية كما الفلسطينية و لكننا نعي من السبب في هدر هذه الدماء و من هم الداعمون و المساندون و المتوافقون مع المشروع الصهيوني ..و لن تفقدوننا البوصلة .
سامر عنبتاوي 20-12-2015
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017