الرئيسية / مقالات
تحديات الشباب ... هجرة الكفاءات .. ودور الحكومة بقلم احمد حنون
تاريخ النشر: الأحد 06/03/2016 08:26
تحديات الشباب ... هجرة الكفاءات .. ودور الحكومة  بقلم احمد حنون
تحديات الشباب ... هجرة الكفاءات .. ودور الحكومة بقلم احمد حنون

 خبير تطوير وإصلاح

في مسيرة البحث عن تحقيق الذات والنجاح والتفوق المهني فان خريجي الجامعات والشباب عادة ما يكون اهتمامهم منصبا نحو الحصول على الوظيفة الامر يتطلب منهم اجتياز تحديات كبيرة وتوفر متطلبات ومهارات لدى المتقدم للوظيفة ، والأهم ان الحصول على المؤهل العلمي ليس فقط المعيار الوحيد في الحصول على الوظيفة ، ذلك لان المشغل لديه توقعات عالية ينتظرها من طالب الوظيفة ، والمهارات والتدريب والخبرات مهمة للدخول الى سوق العمل للشباب الخريجيين ، ولكن هل يستطيع الخريج انتظار زمن طويل للحصول على الوظيفة ؟ وهل يملك الخريج المهارات والخبرات الكافية للمنافسة والحصول على الوظيفة ؟ وما هو الدور والتأثير الحقيقي للشباب في المجتمع كأغلبية في المجتمع ؟ يواجه الوطن العربي وشمال افريقيا اليوم تحديا كبيرا يتمثل في ضرورة توفير 80 مليون وظيفة  بحلول العام 2020 ، حتى لا تتعدى نسبة البطالة الى 25% بين الشباب العربي وهي الأعلى  على مستوى العالم ، هذا في ظل اخفاق القطاع الخاص على مستوى المنطقة عن مجاراة النمو لاستيعاب الاعداد المتزايدة من الشباب ، وهذا الأمر ليس موجها للقطاع الخاص الفلسطيني لأن الاقتصاد الفلسطيني محصور ومعزول ومحاصر سعت اسرائيل لالحاقه بالاقتصاد الاسرائيلي منذ بداية سنوات الاحتلال وكذلك خنق الاقتصاد الفلسطيني واضعاف قدرته التنافسية ... ، وهكذا تخطط له اسرائيل حتى لا ينمو او يتطور بالشكل المطلوب .

  في فلسطين كل عام يتنافس مايقارب 40 الف خريج في الضفة  على ما يقارب 2500 وظيفة في التعليم 81% من بين المتقدمين من النساء ، وفي تقرير عن البطالة فان 66.3% من النساء في قطاع غزة عاطلات عن العمل وهذا لا يعني أن ما تبقى نسبة المشاركة بسوق العمل علما بأن ان نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل الفلسطينيني متدنية ومتذبذبة وهي الاقل عالميا ، الأمر الذي يبن ضرورة التعامل مع هذه المشكلة في إطار رفع تنافسية الخريج الفلسطيني للوصول الى أسواق العمل العربية والدولية وهو من الأمور التي بدأت تطفو بمعني إنتقال كفاءات فلسطينية للعمل في دول المحيط وأوروبا وأمريكا قد لا يكون في إطار وبنية الهجرة ولكنها ستكون كذلك بعد سنوات للشباب والكفاءات .

وفي السياق نفسه لا بد أن  نتعرف على تجارب رواد المبادرات الذاتية واصحاب العزائم في النحت على الصخر فلسيطينيا ، يحكى ان شابا صينيا رسب ثلاث مرات في الكلية وتقدم ثلاثين مرة لوظائف وتم رفضه دائما ، وكان من بين 24 متقدم للحصول على وظيفة في كنتاكي فرايد شكن KFC  عندما فتح فروعه للمرة الاولى في الصين ، وكان الوحيد الذ لم يحصل على وظيفة من بين المتقدمين فقرر الذهاب للشرطة هو وخمسة فلم يتم قبوله ، وتقدم بطلب الى جامعة هارفرد عشرة مرات وتم رفض طلبه انه جاك ما مؤسس سلسلة على بابا العملاقة للتجارة الإلكترونية، التي تعد اليوم أكبر شركة تجارة إلكترونية في العالم حيث تتجاوز مبيعاتها السنوية 170 مليار دولار عشرة اضعاف الناتج القومي الاجمالي الفلسطيني ، ويعمل بها أكثر من 22 ألف موظف، في أكثر من 70 مدينة حول العالم، والحاصل على ترتيب رقم 22 على العالم وفقا لمجلة فوربس في سنة 2015 29.8 مليار دولار ، والذي لم يستسلم للفشل ، بدأ جاك حياته المهنية كمدرس بسيط للغة الانجليزية، وتحول في فترة قصيرة من مدرس براتب تعيس إلى عملاق في عالم التكنولوجيا وإلى أغنى رجل في الصين فقط بالاعتماد على مهاراته الحياتية وتخطيطه السليم للمستقبل وصبره ، كان يركب دراجته لمدة 40 دقيقة يوميا وعلى مدى 8 سنوات، للوصول إلى فندق ويقدم خدماته كدليل سياحي مجاني لممارسة اللغة الانجليزية.

كتب جاك ما في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو عام 2013، أن "الصينيين كانوا قبل عشرين عاما يركزون على سد حاجياتهم الأساسية، ولكن في يومنا هذا تحسنت ظروف معيشتهم تحسنا كبيراً وأصبحت لدى الأشخاص أحلام أكبر لبناء المستقبل، ولكن هذه الأحلام ستكون جوفاء إذا لم نتمكن من رؤية الشمس.

وهنا لا بد من الاشادة بخطاب السيد الرئيس محمود عباس ابو مازن على تخصيصه الشباب في خطابه في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية ، ومخاطبة الشباب مباشرة ليحمل خطابه توجيها واضحا للحكومة لتنفيذ خطة رائدة وطموحه في مجال الإصلاح التربوي الشامل، ومراجعة السياسات الوطنية المتعلقة بالشباب في مجالات التعليم والتدريب، وإيجاد آليات لتمكين الشباب من الخريجين والمبدعين من تحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة ومنتجة، عبر إنشاء صناديق إقراض مالي ميسر، إنشاء الصندوق الوطني لدعم تشغيل الشباب، وخاصة الخريجين منهم وتقديم القروض اللازمة لمشروعاتهم ومبادراتهم ، وتخفيف إجراءات الحصول على القروض من الصناديق القائمة ، وإنشاء جوائز تقديرية ، والاهتمام بقضايا الشباب على قاعدة ان الشباب هم القاعدة الصلبة والمتينة لشعبنا، ويتوجب الوقوف إلى جانبهم وبناء قدراتهم الذاتية، وتوجيههم لبرامج تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل ، ودعى القطاع الخاص الفلسطيني لزيادة حجم استثماراته المستقطبة للشباب، واعدا بإصدار القوانين اللازمة لتسهيل هذه المهمة.

برنامج تميز احد البرامج المهمة كنافذة في توجيه الشباب الفلسطيني الى سوق العمل الفلسطيني والعالمي ، حقق مكانة خاصة في بناء قدرات الشباب تأهيلهم مهنيا وتهيئتهم للالتحاق بسوق العمل وصقل شخصيتهم من خلال برنامج مهني لتحسين قدرتهم التنافسية ، في اطار شراكة بين مجموعة من المؤسسات ، بحيث يبدأ لطلبة السنة الثالثة والرابعة ، ويرى د. محمد مبيض رئيس مؤسسة الشباب الدولية " ان ما يميزه عن غيره انه يساعد المشاركين للانكشاف على سوق العمل وتجارب فلسطينية ملهمة شقت طريقها ونجحت رغم الصعوبات والمعيقات ، وان تشكيل المبادرة حصيلة جهد وشراكة بين القطاع الخاص والاهلي والحكومي والدولي والجامعات الفلسطينية من اجل خلق برنامج متكامل يعتمد على الخبرات المحلية والعربية والدولية لمساعدة الشباب للقيام بدورهم بالنهوض بالحالة الفلسطينية .

الامر الذي  يتطلب من الحكومة وبشكل واضح خلق شراكة حقيقية مع القطاع الخاص الفلسطيني ، والقطاع الاهلي والجامعات والمؤسسات الدولية العاملة في فلسطين والتي لها علاقة مباشرة بموضوع الشباب في اطار خطة طريق وطنية يكون التعليم اساسها ويعتمد على رفع القدرة التنافسية للخريجيين والشباب الفلسطيني ، مترافقة مع  تحول منهجي في الادارة والثقافة والتأكيد من جديد على الاخلاق وقيم العطاء والعمل كقيمة والتميز والانجاز والايثار والاحترام ، واحترام القانون والعطاء كمحرك اساسي للتغيير الاجتماعي ، مستفيدة ومدعومة من توجيهات الرئيس ودعم الحكومة باعتبار التعليم اولوية واستثمار حقيقي الامر الذي عبر عنه رئيس الوزراء الاستاذ الدكتور رامي الحمد الله اكثر من مرة .   

وكم سرني ان اشاهد حفل توقيع انتهاء المرحلة الأولى من كتابة مصحف المسجد الأقصى المبارك، على يد الخطاط العالمي المتميز الشاب الفلسطيني ساهر الكعبي ، الامر الذي يعكس الاهتمام بالمتميزين والكفاءات والشباب ومنحهم التمييز الايجابي والفرصة لتقديم انفسهم للمجتمع كقدوة في المجتمع ، ويجعل منهم قيادة المستقبل ، ويشكل خطوة لتعزيز دور الشباب في التنمية ، وسند داعم للاصلاح ومكافحة الفساد ، تجسيدا لمقولة اذا صلح الشباب صلحت الامة والحكم واذا تميز الشباب تميزت الامة وتميز الحكم ، وجزء من التمميز الفلسطيني عالميا الذي أثمر في حصول د. عزمي الشعيبي على أهم جائزة التميز والابداع في مكافحة الفساد الشفافية والنزاهة لجهوده المحلية والعربية والدولية في مكافحة الفساد.

ahanoun@gmail.com

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017