الرئيسية / مقالات
طاعة الأتراك لإردوغان لإفشال الانقلاب بقلم د.صقر الجبالي
تاريخ النشر: الأربعاء 03/08/2016 07:36
طاعة الأتراك لإردوغان لإفشال الانقلاب  بقلم د.صقر الجبالي
طاعة الأتراك لإردوغان لإفشال الانقلاب بقلم د.صقر الجبالي

 

استاذ العلوم السياسية جامعة النجاح

يسعى الرئيس التركي اردوغان لكي يبقى رئيسا لتركيا خاصة بعد مرور مائة عام لقيام تركيا الحديثة، اعتمادا على مبدائي التعاون والتوازن في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهي فكرة الطاعة والولاء من قبل المحكومين للحاكم.

فقد أقر نظام الحكم الاسلامي بواجب الولاء والطاعة للحاكم، وقد حض الاسلام على وجوب اطاعة الحاكم صراحة في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " سورة النساء (الآية 59) أي أن أطاعة الحاكم فرض من فروض الاسلام وهي أطاعة مقيدة وليس مطلقة أي ما دام ملتزم بتطبيق الشريعية وقائما على العدل بين الناس. ويحب على الافراد أن يعاونوا الحكومة في كافة اعمال الخير وان يبذلوا أرواحهم ودمائهم في الدفاع عنها.

لذا من هنا نجد ان التزام حكومة اردوغان بتطبيق نموذج حكم اسلامي منذ توليه السلطة عام 2002 ثبت نجاحه من خلال انجازات عديدة نشير لبعضها لاحقا الأمر الذي انعكس من خلال رضا المواطن عن حكم اردوغان وظهر ذلك جليا في نتائج أول انتخابات رئاسية حصل بموجبها الرئيس اردوغان على 52% من أصوات الناخبين عام 2014.

كما أن تحقيق الاستقرار السياسي والعمل على استبعاد تدخل المؤسسة العسكرية -الاطاحة بحكم العسكر- في عمل الحكومة وذلك من خلال تغير وإصلاح تدريجي عقلاني بدء بالدستور خصوصا المادة 35 منه وسن قوانين جديدة وإدخال تعديلات جديدة تتعلق مثلاُ بصلاحيات وعضوية مجلس الأمن القومي وتحويله مهمته من مجلس تنفيذي إلى استشاري غالبية اعضائه إضافة إلى رئيسه من أصول مدنية وليست عسكرية.

قد تشكل تركيا أحد النماذج الاستراتيجية للوطن العربي والإسلامي يمكن الاحتذاء بها وهي من الحالات النادرة التي تعبر عن انسجام وتناغم في العلاقة بين الحاكم والمحكوم في استغلال أمثل لكافة المواد بأنواعها لتحقيق أفضل فائدة تعم على كل المواطنين الاتراك والدولةِ. بعكس ما هو سائد في سوء العلاقة القائمة بين الحاكم والمحكوم في الدول العربية كافة والغالبية الساحقة من أنظمة العالم الإسلامي القائمة على القهر والعنف والكبت والاستعباد. والذي تمكن من خلالها الغرب من استغلال ونهب الثروات عبر تعينه حكام طغاة جاؤوا لنهب كل ما تستطيع ايدهم ابان حكمها حتى لو كان ثمن ذلك قذفهم بالصواريخ البالستية وحرق أطفالهم بالكيماوي وتدمير مدن بكاملها وتهجير أكثر من نصف سكان الدولة، وهذا ما ظهر جليا من خلال نتائج ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا وسوريا....فالتحالف الروسي –السوري من جانب مقابل التحالف العربي - الغربي – الامريكي يشتركا في تدمير وإبادة شعوب ودول تحت شعارات محاربة جماعات إسلامية ما كانت لتظهر لولا مصالح تلك التحالفات.

        لذا تسود الآن علاقة ارتياب لدى الدول الغربية والولايات المتحدة لحسن العلاقة بين الحاكم والمحكوم كتلك التي تسود في تركيا، والتي تشكل نموذج يأمل أن يحتذيه كل مواطن عربي وإسلامي خصوصا بعد أن بدء يتساقط طغاة الحكام العرب.

 فلا شك أن الانعكاس الايجابي لما تمخضت عنه السياسات التنموية التي أحدثها الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية على حياة المواطن سواء في القطاع الخاص أو العام، هي كثيرة ومن مؤشرات ذلك:

سداد حكومة اردوغان عجز الميزانية البالغ 47 مليار، وتحويل تركيا من دولة مدينة إلى دولة دائنة للبنك الدولي وصلت ديونها عليه 5 مليار، إضافة إلى وضع حكومة اردوغان حوالي 100 مليار في الخزينة العامة في الوقت الذي توجد فيه دول أوروبية وأمريكية عريقة تتخبط تحت وطأة الديون والربا والإفلاس.

        وقفزت تركيا بعهد أردوغان قفزة مذهلة من المركز الاقتصادي 111 إلى 16 بمعدل عشر درجات سنوي مما يعني دخوله إلى نادي مجموعة العشرين الأقوياء الكبار في العالم.

ارتفع الناتج القومي لتركيا 350مليار عام2002 إلى حوالي ترليون ومائة مليار دولار عام 2013  وهو أعلى من دخل المواطن الفرنسي، وهو يساوي مجموع الناتج المحلي لأقوى اقتصاديات ثلاث دول في الشرق الأوسط إيران السعودية والإمارات فضلا عن الأردن وسوريا ولبنان. وارتفعت صادرات تركيا من 23 مليار قبل عشر سنوات لتصل إلى 153 مليار؛ وتصل إلى 190 دولة في العالم، وتحتل السيارات المركز الأول لتليها الالكترونيات حيث أن كل ثلاثة أجهزة الكترونية تباع في أوروبا هناك جهاز صناعة تركيا.

وتبنت حكومة أردوغان عملية تدوير القمامة لاستخراج الطاقة وتوليد الكهرباء لستفيد منها ثلث سكان تركيا؛ وقد وصلت الكهرباء إلى 98% من منازل الاتراك في المدن والريف.

كما ارتفعت الرواتب والأجور بنسبة 300% وارتفع أجر الموظف المبتدئ من 340 ليرة إلى 957 ليرة تركية. وانخفضت نسبة البطالة من38% إلى 2%، كما أنخفضت نسبة التضخم من 70% عام 2001 إلى 8.4% . وارتفعت قليلا عام 2008 بسبب الأسعار العالمية لتصل إلى 10%.

وفاقت ميزانية التعليم والصحة ميزانية الدفاع ومنح المعلم راتب يوازي الطبيب. وتم أنشاء 35 الف قاعة مختبرات لتكنولوجيا المعلومات وقواعد بيانية حديثة يتدرب الشباب الأتراك فيها.

        ويعد مطار اسطنبول الدولي من أكبر مطارات أوروبا ويستقبل في اليوم الواحد 1260 طائرة؛ فضلا عن مطار صبيحة الذي يستقبل 630 طائرة، علما بأن الخطوط الجوية التركية تفوز كأفضل ناقل جوي في العالم لثلاث سنوات على التوالي. وزرعت تركيا مليارين و770 مليون شجرة حرجية ومثمرة. وصنع تركيا بعهد أوردغان أول دبابة مصفحة وأول ناقلة جولة وأول طائرة بدون طيار وأول قمر صناعي عسكري حديث متعدد المهام، وبنى أردوغان خلال عشر سنوات 125 جامعة جديدة 189 مدرسة و510 مستشفيات، وفي الوقت الذي ارتفعت فيه الرسوم الجامعية في الجامعات الأمريكية والأوروبية نتيجة الأزمة الإقتصادية، أصدر اردوغان مرسوم يجعل الدراسة في كل الجامعات والمدارس التركية مجانية وعلى نفقة الدولة. وتسعى تركيا جاهدة لتفريغ 300 ألف عالم للبحث العلمي للوصول إلى عام 2023.

وحقق اردوغان السلام بين شطري قبرص مرحبا بمبادرة كوفي عنان، وشرع بمحادثات تسوية مع حزب العمال الكردستاني لوقف نزيف الدم، وأعتذر للأرمن وهي ملفات عالقة منذ تسعة عقود. واجه اردوغان معارضيه بالماء ولم يقصفهم بطائرات الميغ والسكود وبراميل الموت.

جلس اردوغان مع طفلة لا تتعدى الـ 12 من عمرها في مناظرة تلفزيونية نقلتها وسائل الإعلام على الهواء وتحدثا عن مستقبل تركيا بنديّة واحترم ذكاءها واندفاعها فأعطى الأطفال الأتراك المثل والقدوة في مناقشة ومناظرة من يحكمهم في قراءة المستقبل.

اردوغان صديق إسرائيل حسب زعم العلمانيين العرب وجه صفعة قوية لإسرائيل وجعلها تعتذر عن ضربها لسفينة مرمره التي كانت متوجهة إلى غزة واشترط في قبول الاعتذار أن ترفع الحصار عن غزة

اردوغان ( صديق إسرائيل) يوجه انتقادا لاذعا للحضور الذين صفقوا لكلمة بيريز الذي برر فيها الحرب على غزة في المنتدى الاقتصادي دافوس 2009 وخرج غاضبا من المنتدى بعد أن قال للحضور عار عليكم أن تصفقوا لهذا الخطاب بعد أن قتلت إسرائيل آلاف الأطفال والنساء في غزة.

ورفض اردوغان أن تخلع ابنته الحجاب فيرسلها لتدرس في أوروبا وذلك قبل أن يُسمح بالحجاب في الجامعات التركية، وأعاد اردوغان تدريس القرآن والحديث النبوي إلى المدارس الحكومية بعد تسعة عقود من الحكم العلماني، وكرّس اردوغان حرية ارتداء الحجاب في الجامعات الحكومية ودار القضاء، و أنار اردوغان القائد المسلم أكبر جسر معلق في العالم على شواطئ البحر الأسود بأضخم إنارة تضمّ حروف كلمة( بسم الله الرحمن الرحيم ) في حين كانت إحدى الدول العربية ( الأمارات ) تصنع أكبر شجرة (كريسماس) في العالم بلغت تكلفتها 40 مليون دولار. وأطلق أردوغان مسيرة مكونة من عشرة آلاف طفل مسلم بلغوا السابعة من العمر يجوبون شوارع اسطنبول معلنين بلوغهم سن السابعة متفاخرين بأنهم سيبدأون بأداء فرض الصلاة وحفظ القرآن.

فهل مصلحة الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل أن يعمم هذا النموذج في دول العالم العربي والإسلامي. أم يستمر نهبها لخيرات وموارد تلك الشعوب.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017