الرئيسية / مقالات
كلنا وحدويون ,, و لكن اسمعونا بقلم سامر عنبتاوي
تاريخ النشر: الأربعاء 04/10/2017 09:05
كلنا وحدويون ,, و لكن اسمعونا بقلم سامر عنبتاوي
كلنا وحدويون ,, و لكن اسمعونا بقلم سامر عنبتاوي

و اخيرا التقوا على أرض غزة هاشم التي حشرت ما بين مقاومة و صمود و ما بين دمار و حصار ,, بين محاولة للحكم و محاولة للاسترداد ،، و بين محاولات للعزل و محاولات لاعادة الالتحام ,, بين غزة تذهب ببحرها و جندها و ناسها و بين ضفة تضيع تحت وطأة الاستفراد بها ,,, بين فلسطين تجزأ بعد التجزيء و بين مناداة كل فلسطيني أن اعيدوا اللحمة لمن فينا و بنا و معنا .
هل هذا ما يحصل حقيقة ؟ و هل أن الاعوام الاحد عشر سرقت منا و الآن نستعيد عافيتنا ؟؟ هل ذهبت الى غير رجعة قسمتنا و انتبهنا أخيرا الى مآسي تمزقنا و فوائد وحدتنا ؟؟ هل خرجت كلمة الانقسام من القاموس الفلسطيني و وضعت الخطوط تحت كلمة الوحدة فيه ؟
أجل دخل الوفد الوزاري القيادي و دخلت الكوادر بالمئات لتستلم و استقبلت بكل حفاوة و الابتسامة لا تغادر الوجوه ,, أهلا بمن جاء منقذا , لقد طالت الغيبة ،، المهم أنكم أتيتم و أن تأتي متأخرا أفضل ألف مرة من أن لا تأتي ,,, و عقدت المؤتمرات الصحفية و المقابلات التلفزيونية ،، لم يتسع شاطيء غزة للاعلاميين و لكن أشبعت أسماكه كل من شارك بهذا الحدث الهام .
الى هنا تختلط العواطف و الشجون و يبدأ البحث عن النتائج و المكنون ,, ما اسباب هذا التسارع و كيف نظر الفرقاء الى الأمر ؟ و ما مصالح و تخوفات و أهداف كل طرف ؟؟ و قبل الاجابة أقول أن وحدة الشعب و الوطن لا يرفضها و لا يحاول اجهاضها و لا يسعى لخرابها الا من عمل و يعمل ضد مصلحة الشعب الفلسطيني برمته ,, و مهما كانت النتائج و التأثيرات فلا بد أن نواجهها موحدين ,,فعاشت وحدة الشعب الفلسطيني ,,, و لنأكل الكنافة النابلسية ابتهاجا ,,, و لكن لنتأمل و نحن نشرب القهوة بعدها ,, و لنجرد الماضي و نعيد الحسابات و نستخلص العبر .
أستعرض هنا مواقف الأطراف المعنية بملف المصالحة بتجرد و محاولة شديدة لنهج الموضوعية في تناول المواقف و الأهداف للوصول الى المطلوب .
- الموقف المصري ,, ثلاث ركائزاساسية حكمت التوجه المصري :
--- حدود برية آمنة مع قطاع غزة و حصار العمليات المسلحة في سيناء و اغلاق ملف الانفاق مما يتطلب وجود سيادة رسمية تمثلت في السلطة على الحدود .
--- غزة مستقرة عامل امان و اقتصاد مزدهر و تسويق رسمي للبضائع و الخروج من تبعات الملامة و تحميل المسؤوليات عن الحصار .
--- نجاح اقليمي و دولي ،، و استعادة هيبة و مقدرة على التأثير و قوة التدخل و لعب دور محوري في الاقليم .
- حركة حماس و دوافعها الثلاث :
--- التخلص من حالة الغليان الداخلي المرتبط بالحصار و تأثيراته الحادة على الصحة و مستوى الحياة و الفقر و البطالة مما ينذر بهبة غضب شعبية تصطدم بمن يمتلك السلطة في غزة .
--- الخروج من دائرة الاتهام بالارهاب و تحسين العلاقة مع مصر و خلق نوع من التوازن على المستوى الاقليمي و الدولي .
--- التخلص من الاعباء و الالتزامات المتعلقة بحكم غزة و تسليمها للسلطة ، و التخلص من تهمة الارتباط بنتائج و افرازات اوسلو .
-ركائز ثلاث ايضا لحركة فتح و السلطة :


--- استعادة المسؤولية عن الضفة و القطاع و مواجهة الاتهامات ضد السلطة بالضعف و عدم تمثيل كل الشعب .
---تحويل العلاقة الاقتصادية بين السلطة و غزة من حالة الانفاق الى حالة انفاق و جباية ضرائبية و امور اخرى.
--- استعادة مكانة السلطة و علاقاتها على المستوى الاقليمي و الدولي ،، و تحسين ظروف التفاوض مع امريكا و دولة الاحتلال .
- موقف الولايات المتحدة ،،
يتمثل في ازالة العقبات التي تعترض الحلول الامريكية التي تحضر و حصر حركة حماس مابين التزامات المصالحة و تحديد اعمالها العسكرية و التأثير على علاقاتها مع ايران و محور المقاومة .
- موقف دولة الاحتلال ،،
لا يختلف عن الموقف الامريكي بالاضافة الى التخطيط الاسرائيلي لحل الفصائل المسلحة و الطلب بالاعتراف الفلسطيني الكامل بدولة الاحتلال ،، و ليتماشى الى حد كبير مع ذلك موقف الرباعية الدولية ،، و ان تباينت المواقف داخلها .
- مواقف محاولات الاستحواذ و النفوذ من قبل السعودية و الامارات و محاولات ابعاد حماس عن قطر و ايران وتحجيم الدور التركي الذي يرى المصالحة تحقيقا لبعض مصالحه سيما بعد اعادة تقييم تحالفاتها و ارتباطاتها الاقليمية و الدولية .
- مواقف الفصائل و القوى الفلسطينية الاخرى ,, تراوحت ما بين دعم المصالحة و التخوف من فشلها بناء على التجارب السابقة .. و بين البعد عن القرار و التأثير فيها ,, و التخوف من تناقص النفوذ و الدور عندما تتم المصالحة بين فتح و حماس باسلوب المحاصصة .
و بعد , اذا تمت المصالحة بناء على المصالح لكل طرف على حدة و حالة الازمات الداخلية و حالة معاناة كل طرف ,, اضافة للضغوط و فقدان القدرة على توجيه الامور ,, فستصبح وحدة مصالح تنهار امام اي تجربة او مصلحة طارئة او تحول في المواقف ,, لقد طالب الكل الفلسطيني بالوحدة و انهاء الانقسام بكامل مكوناته و سعى بعد معاناة شديدة من نتائج الانقسام ,, سعى لتوحيد الجهود و انهاء الانقسام و تحقيق الوحدة ,, و هذا مطلب شرعي و محق و وطني لكل فلسطيني حر او من يدعم نضال الشعب الفلسطيني ,, و لذلك فحماية للمشروع الوطني الفلسطيني و القضية مما يحاك لها يتطلب أن تؤسس الوحدة على اسس متينة تتعلق بصياغة البرنامج الوطني الموحد المبني على استراتيجيات المحافظة على الثوابت و اعادة نسج التحالفات و بناء منظمة التحرير على اسس تمثيلية للجميع و بخط وطني و ديموقراطي واضح و شامل .
ان ما صدر عن المخابرات المصرية بالاشراف على صفقة تبادل الأسرى و ما رشح عن امكانية تحقيق هدنة طويلة الأمد مع غزة ,, و تصريحات الأخ يحيى السنوار بامكانية انضمام الكتائب المسلحة للجيش الوطني ,, و اصرار الرئيس ابو مازن على عدم القبول بنموذج حزب الله ,, كل ذلك يوحي بتحديد دور السلاح في غزة ضمن اتفاقات و محدودية العمل بالدور الدفاعي في حالة التعرض لعدوان .
و اذا ما ارتبط هذا بالمخططات الاسرائيلية الامريكية في توجيه الضربات لايران و محور المقاومة و حزب الله الأمر الذي يأخذ صفة التصريح لا التلميح ,, فان احد الاهداف الاسرائيلية الامريكية يتمحور في امرين اساسيين :
الاول : تحييد الجبهة الفلسطينية في حالة المواجهة مع المقاومة اللبنانية و ابعاد اي امكانية لالتحام القوى الفلسطينية بمحور المقاومة.
ثانيا : محاولة الامريكان تمرير ما يسمى بصفقة القرن و المعتمدة على اعادة تقسيم المنطقة جغرافيا بما ينعكس بشكل كبير على الفلسطينيين بتحييد غزة و فرض الكانتونات على الضفة ,, و هذه احدى النتائج المحتملة لتأجيج حرب باتجاه الشمال .
نعلم تماما أن ارادة امريكا و الاحتلال ليست قدرا ,, و قد فشل مشروعهم في سوريا و باعتراف ليبرمان ,, و قد يفشل مشروعهم الأخطر الآن ,, الا أن هذا يتطلب العمل الوحدوي و المثابر و بسعة افق و شمولية حتى لا نقع كفلسطينيين كضحية أو كورقة بيدهم .
ان مطلب الوحدة الفلسطينية مقدس و هو مطلبنا منذ بداية الانقسام بل قبله ,, و الجهود بهذا الاتجاه تثمن ,, و لكن المطلوب وحدة وطنية حقيقية و على اسس متينة تفرضها مصلحة شعبنا بكل قواه و ليست وحدة مبنية على الاضطرار و الهروب من المآزق ,,, وهذا يتطلب التوجه فورا لاعادة بناء المنظمة بعد دعوة الاطار القيادي المؤقت و اشراك كل مكونات الشعب الفلسطيني بقواه و مؤسساته و فعالياته و مفكريه في اعادة صياغة المشروع الوطني عبر دعوة المجلس الوطني للانعقاد ,, و المسارعة لاجراء الانتخابات على كافة الأوجه .


نعم نحتفل و نأكل الكنافة النابلسية بالاجواء الوحدوية و لكن طعم حلاوة الكنافة يجب أن لا ينسينا اعادة التقييم و استخلاص العبر و التقدم للأمام .

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017