الرئيسية / مقالات
ابو يعقوب لم يغب، ابو يعقوب باق فينا بقلم تيسير نصر الله
تاريخ النشر: الجمعة 09/03/2018 08:41
ابو يعقوب لم يغب، ابو يعقوب باق فينا بقلم تيسير نصر الله
ابو يعقوب لم يغب، ابو يعقوب باق فينا بقلم تيسير نصر الله

منذ وفاة المربي الفاضل الاستاذ محمد سمير زيدان " أبو يعقوب " إبن بلدة تل الصمود يوم الخميس الموافق 2/3/2018 وأنا أرغب بالكتابة عنه، وأصدقكم القول أنني حاولت منذ سماعي خبر وفاته أثناء انعقاد الدورة الثالثة للمجلس الثوري لحركة فتح البدء بالكتابة ولكنني لم اوفق، كانت أفكاري مشوشة نتيجة عدم وضوح الرؤية السياسية وصعوبة المرحلة التي نمر بها، لم تفارقني صورته أبدا، لحيته البيضاء الجميلة التي تذكرني بلحية شيخ المجاهدين عمر المختار، والعقال الذي يعتمر رأسه يذكرني بعقال سيد الشهداء ياسر عرفات، ولباسه الأبيض يذكرني بزي الأجداد والصحابة..
أبو يعقوب هو من ذاك الزمن، زمن الإخلاص والوفاء والايثار، عرفته مذ كان مربيا فاضلا في مدارسنا، يعمل على تنشأة الأجيال الفلسطينية، كان نموذجا في الإلتزام بأخلاقيات مهنة التعليم التي أحبها وافنى عمره فيها، واعتقل من أجل أن يحصل المعلم على حقوقه، كان نقابيا وخطيبا مفوها، ذو حضور لافت أينما حل وارتحل، تجده في كل مكان يجب ان يكون فيه، لا يترك مناسبة اجتماعية أو وطنية إلا ويكون حاضرا فيها ، اجتماعي من الطراز الأول، بل إن هذه الصفات التي يتمتع بها الاستاذ أبو يعقوب ما هي إلا صفات القائد القدوة، ليس لأنه والد شهيد او ابن لشهيد، أو من عائلة مناضلة يشهد لتاريخها القاصي والداني، أو لأنه من بلدة تل البطلة التي لعبت وما زالت تلعب دورا كبيرا في قيادة النضال الوطني الفلسطيني، بل لأنه أبو يعقوب صاحب الكاريزما الخاصة، الذي تمسك حتى آخر لحظة من عمره بزي أجدادنا، فكان عظيما مثلهم، يفرض إحترامه على الجميع، ولديه منطقه السليم وبرهانه في إقناع من حوله بوجهة نظره الصائبة دائما، ولا أبالغ إن قلت أنه ترك تأثيرا كبيرا ليس على أبنائه فقط، وإنما على جيل بأكمله.
لا أعرف كيف لي ان أزور تل دون ان أرى وجهه البشوش، أو اصافح يده الكريمة التي أحبت الأرض والقلم، أو اعانق هذه القامة العالية الشامخة، كيف لي ان أزور تل دون ان اتحدث مع أبي يعقوب صاحب القلب الكبير والمكانة العالية، كيف لي ان أنسى ذكرياتي معه، كيف لي ان انسى مواقفه النبيلة في كل المواقع التي شغلها كمعلم أو مدير مدرسة أو نقابي في اتحاد المعلمين أو في لجان الزكاة، أو غيرها من المهام والمسؤوليات، كانت هذه المواقع تكبر به، لأن يده كانت دائما نظيفة، طاهرة، نقية كنقاء قلبه وروحه، وكانت أجمل اللحظات التي ما زالت ماثلة أمامي عندما اعتلى الاستاذ أبو يعقوب مسرح الأمير تركي بن عبد العزيز في جامعة النجاح الوطنية ليتم تكريمه من قبل أحد تلاميذه الذين ترك بصماته على مسيرتهم المهنية والوطنية، كان ذلك قبل وفاته بعدة أشهر فقط حين اختار الأخ بشار الصيفي إبن بلدة تل ومدير وزارة الاقتصاد في نابلس الاستاذ أبو يعقوب ليتم تكريمه ضمن مبادرة" وفاء لمن علمني حروف الإبداع " مع نخبة ممن لهم باع طويل في عمل الخير وتربية الناشئة.
لم تغب عنا يا أبا يعقوب، بل إن روحك ما زالت باقية فينا، تحثنا على فعل الخير، والقيام بالواجب، واحترام حقوق الآخرين، ومساعدة المحتاجين والفقراء، وعدم اليأس، والإيمان بالله، والقدرة على الصبر وتحمل الشدائد، لقد خسرنا جسدك الطاهر ولكننا لم نخسر روحك، فلنا فيك القدوة الحسنة، ولك منا العهد والوفاء. نم قرير العين مع من أحببت من الصديقين والشهداء، فالرحمة لروحك الطاهرة، ولنا ولمحبيك الصبر والسلوان.
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017