الرئيسية / مقالات
مش على رمانة، ولكن القلوب وحمانه بقلم د.سائد كوني
تاريخ النشر: الأحد 22/06/2014 11:42
مش على رمانة، ولكن القلوب وحمانه بقلم د.سائد كوني
مش على رمانة، ولكن القلوب وحمانه بقلم د.سائد كوني

 الهجمة الاسرائيلية تتواصل وتتصاعد، وقوات الإحتلال تُقتل أبنائنا، تستبيح حِمانا، تقتحم بيوتنا الآمنة، تُخرب وتُدمر ممتلكاتنا، تُهين نسائنا، تروع أطفالنا، وتعتقل وتُنكل برجالنا وشبابنا، فمع الساعات الأولى لفجر هذا اليوم تفتحت زهرتين أُخريين على ترابنا الفلسطيني، إرتوتى بدماء شهيديّنا في نابلس ورام الله، اللذان لحقا بركب المجد والعُلا لشهدائنا الأبرار، وإزدانت سماء فلسطين بنجمين ساطعين إضافيين فيها. بلغت حصيلة الإعنقالات خلال الثمانية أيام الماضية ما يزيد عن 420 معتقل، وتم إقتحام ما يزيد عن 1500 منزل عيث فيها الفساد.

 

أقرأ هنا وهناك أن المؤسسة الاسرائيلية تزداد توتراً وعصبية لأنها فشلت حتى الآن بالوصول الى المستوطنين الثلاثة المُزعم خطفهم، فتُمعن لذلك في غِيها وطغيانها بحق أبناء شعبنا ومقدراته، وأما من وجهة نظري القضية أعمق من ذلك بكثير، فنحن نعلم جيداً أن خطوات عدونا وإجراءاته غالباً لا تأتي من منطلق الفعل وردة الفعل، وإنما هي إفرازات خططٍ وسياسات تُحاك بليل بكل دقةٍ وإحكام لتحقيق غاياتٍ وأهدافٍ توضع بعناية.
 
السنوات القليلة الماضية شهدت تحسناً في الوضع الإقتصادي للضفة الغربية، نعم طفيف ولكنه ملحوظ، كما وأن القيادة السياسة حققت إنجازات دبلوماسية على الساحة الدولية، تتوجت بالإعتراف الأممي بفلسطين كدولة تحت الإحتلال، إكتُسب ثقة الدول المانحة ودعمها المادي والسياسي، دولة القانون والمؤسسات بدأت تتحقق رويداً رويداً وتترسخ يومياً على أرض الواقع، العالم بات مقتنعاً بالرغبة الحقيقية للفلسطينين بحل الدولتين والعمل لها، وأصبح جلياً للقاصي قبل الداني مَن المسؤول عن تعطل عملية السلام وعرقلة المفاوضات، وهذ الأمر أظهرته التصريحات الآخيرة لكبار المسؤولين الأوروبين ومؤخراً الأمريكيين. الإسرائيليون ودولتهم مطالبون الآن بدفع إستحقاقات السلام والأمن الذي يعيشونه، من إرجاعٍ للأرض لأصحابها الشرعيين وإنهاءِ إحتلالها، قبول العودة لمن يرغب من اللاجئين، التسليم بالقدس الشرقية عاصمةً للدولة الفلسطينية الفتية، ترسيم الحدود، إطلاق سراح الأسرى، وغيرها من قضايا الحل النهائي.
 

ولكن إسرائيل، وفي ظل الإغتراب والصمت والتشرذم العربي، الضعف الإقليمي، والإختلال في ميزان القوى الدولي، تُمعن بسياساتها الإستيطانة في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية، وتسابق الزمن في تهويد القدس، ولا تعترف بدولة فلسطين وترفض التخلي عن المناطق التي أسمتها (ج) وفق إتفاقيات أوسلو والتي تُشكل ما يزيد عن 62% من أراضي الضفة الغربية، كما وأنها تمنع الفلسطينيون ومؤسساتهم الرسمية والشعبية والمدنية من تطويرها والتخفيف من معاناة ساكنيها، بل وتستبيح يومياً المناطق المصنفة أ و ب، مقوضةً بذلك حل الدولتين وضاربةً بعرض الحائط مقررات الشرعية الدولية المتعلقة بقضيتنا، ترفض إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى، تستهجن حتى إعتراضنا على تصرفاتها العدوانية وتستنكر إحتجاجاتنا عليها، ولا تقبل بأي مفهوم للمقاومة، حتى السلمي والشعبي منها، وأخيراً جاءت المصالحة الوطنية وحكومة الوفاق لتدق ناقوص الخطر الداخلي لإسرائيل، كونها غير مبالية أصلاً بخطر خارجي من أي نوع كان، إقليمي أو دولي.
إذن قضية المستوطنون الثلاثة، حتى وإن صحت، ما هي إلا عُذر إستخدمته إسرائيل كعادتها، وأُذكر هنا بإجتياحها لبنان عام 1982 بحجة قتل سفيرها بلندن، لتدمير إقتصاد الضفة الغربية ونحن عيننا اليوم على النهوض بإقتصاد القطاع، إحراج السلطة وإضعافها، تأزيم وضع مؤسساتنا وهيئاتنا المحلية، بل والقضاء عليها كرموز للدولة والسيادة، جر المنطقة لدوامة عُنف جديدة تُرجعنا بها إلى البدايات في كل شيء، وتستغلها لإعتقال المزيد من شبابنا وقادة فصائلنا، ولفت الإنتباه عن معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها أسرانا البواسل في سجون الظلم والطغيان، والتي جاوزت الشهرين وباتت تُشكل إحراجاً للمحتل على الصعيد الإنساني الدولي.
فالمطلوب منا إذن والحال كذلك، مزيداً من الصمود والتصدي، التكاتف واللُحمة ورص الصفوف، توحيد الهدف والغاية، وتوجيه بوصلة مقاومتنا نحو مُحتَلِنا، وليرحم الله شهدائنا ويشفى جرحانا ويفك أسر معتقلينا.
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017