الرئيسية / مقالات
الأسرى المرضى بالسرطان... مرضٌ يستشري ورعايةٌ مفقودة
تاريخ النشر: الثلاثاء 25/02/2014 13:09
الأسرى المرضى بالسرطان... مرضٌ يستشري ورعايةٌ مفقودة
الأسرى المرضى بالسرطان... مرضٌ يستشري ورعايةٌ مفقودة

 بقلم : مادلين فقها


يعود ملف الأسر  المرضى إلى الواجهة من جديد، فقد أفادت إحصائيةٌ نشرتها قناة الأقصى الفضائية أن عدد الأسرى المصابين بمرض السرطان داخلَ سجون الإحتلال بلغ خمسةً وعشرينَ أسيرآ فيما يعلن الاحتلال فقط عن ستة عشر حالة، هذه السياسة التي تتبعها إدارة السجون الإسرائيلية دفعت الأسرى لمطالبة المؤسسات الحقوقية والدولية  بتشكيل لجنة، وإرسال أطباءَ متخصصين لاكتشاف سبب إصابة الأسرى بهذا المرض الخطير، حيث أفادت تقاريرُ عديدة بارتفاع نسبة عدد الأسرى المرضى وإصابتهم بمرض السرطان الذي انتشر في الآونة الأخيرة ، وأفادت التقاريرالصادرة عن المؤسسات الحقوقية والدولية وعبر شهادات للأسرى بأنهم لا يتلقون سوى المسكنات التي تصرف لكل المرضى، بغض النظر عن طبيعة مرضهم وخطورته.
وفي هذا الصدد أضحى الأسير محمد نصري أبو الرب 37 عامآ من بلدة قباطية قضاء جنين ، نموذجآ للإهمال الطبي الممارس في سجون الاحتلال في ظل اخفاقات أطباءَ و ممرضي مصلحة السجون، معاناة أبو الرب المحكوم بالسجن الفعلي 24عامآ ، بتهمة العضوية والمشاركة بتشكيل خلايا و إطلاق نار في إطار حركة الجهاد الاسلامي ؛ أمضى منها قرابة 9 سنوات تنقل فيها بين السجون الاسرائيلية دون اعتبار لحالته الصحية المستعصية.
أما والدته فتقول :" مضى شهور على ولدي وهو في الأسر يعاني من ورم في خاصرته اليسرى ، وبعد ارسال رسائل شكوى بخصوص وضعه الصحي الى الطبيب العام لمصلحة السجون و إلى أطباء حقوق الإنسان والصليب الأحمر الفلسطيني ،تم تحويله الى مستشفى العفولة و قاموا بإجراء عملية له لإزالة الورم. و لكن مصلحة السجون في الوقت الحالي لا تقدم له العلاج اللازم ،يعيش على المسكنات فقط التي لا تجدي له نفعآ ولم يسمح لنا الإحتلال بزيارته بحجة الرفض الأمني".
و أردفت قائلة :" تدعي مصلحة السجون انها تتابع الوضع الصحي لمحمد وانها حولته عدة مرات الى مستشفى الرملة ، ورغم ذلك استمر الألم و الالتهابات حتى اللحظة دون علاج شافٍ ، علمآ بأن وزنه انخفض من 80 كيلوغرام الى 65 كيلوغرام ونسبة الدم وصلت الى 8".

وحول الاستنتاج عن سبب هذه السياسة المتبعة من إدارة السجون ،يقول محمود مرداوي الباحث والمختص في الشأن الصهيوني: " اسرائيل انتهجت سياسةُ خطيرة باتجاه الأسرى المرضى بوباء السرطان لعدم تقديم العلاج اللازم لهم ،وأن المجتمع الدولي يقف ساكنآ، خاصة أن الكثير منهم يعاني من أمراض العقم ، و السكري و الضغط ونقص الدم إلى جانب السرطان، بالإضافة إلى تناول الطعام الغير صحي، مما أدى الى انتشار وتفاقم هذا المرض في أجسادهم، ولكن إسرائيل تخشى على نفسها من اندلاع انتفاضة ثالثة تنفجر في وجهها من أبناء الشعب الفلسطيني ،فتُفرج عن الأسير المريض لكن بعد أن يصبح في عداد الموت، والأسير المحرر قبل أن يكون أسيرآ هو مناضل".
وزير شؤون الأسرى و المحررين عيسى قراقع أوعز خطورة الوضع الصحي للأسرى المصابين بالسرطان إلى الممارسة العنجهية التي يقوم بها الاحتلال بالإضافة إلى عزل قادة الحركة الأسيرة،ولا سيما المضربين عن الطعام.
وأضاف :" نعمل جاهدين من أجل الإفراج عنهم ومستعدين لتقديم العلاج اللازم لهم حتى لو كلفنا ذلك سفرهم إلى خارج فلسطين ،ونحمل اسرائيل المسؤولية الكاملة عن تردي وضع 9 من الأسرى المضربين عن الطعام وخطورة وضعهم الصحي".
وصرح حسام الشخشير نائب رئيس الهيئة الإدارية للصليب الأحمر الفلسطيني أن اسرائيل لم تسمح لأهالي بعض المعتقلين المرضى بزيارة أبنائهم بحجة الرفض الأمني.
ويضيف : " نحن نعمل كحلقة وصل ما بين الأسرى و ذويهم ، من خلال إيصال الرسائل للأسرى وتقديم المساعدة لهم ،وتوفير ما يحتاجونه من أغطية للنوم وبعض المستلزمات".
حال الأسير المعزول ضرار أبو سيسي لا يختلف كثيرآعن محمد أبو الرب، حيث الاعتقال والمعاناة المستمرة، وفي التاسع عشر من شباط  يصادف الذكرى الثالثة لاختطافه من أوكرانيا على يد الموساد الصهيوني، وما زال ابوسيسي حتى اللحظة في عزل انفرادي بالرغم من الأمراض العديدة التي تعصفبه.
مؤسسات كثيرة علت صوتها للمطالبة بالإفراج عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط حين أسرته المقاومة منذ اليوم الأول لأسره، بينما الأسير الفلسطيني ضرار أبو سيسي يقبع في سجون الإحتلال حين اختطفه الموساد الصهيوني قبل ألف وثمانين يومآ أي قبل ثلاث أعوام، ولم نجد مطالبات دولية للتحرك من أجل الافراج عنه.
مرت ثلاث سنوات على اعتقاله، ولا زال منذ ذلك الوقت توجه له اتهامات واهية لا دليل لها من الصحة ومنها العمل لصالح حركة حماس، خلال سنوات الاعتقال الثلاث والمستمرة الى هذه اللحظة عزلت مصلحة السجون الصهيونية الاسير ضرارفي الحبس الانفرادي.
اهمالٌ طبي وتدهور في صحته، حيث فقد أكثر من ثلث وزنه، ويعاني من مشاكل في القلب والمعدة والشقيقة كما يمنع الاحتلال عائلته من زيارته، أو التواصل معه الأمر الذي دفع أبو سيسي إلى خوض اضراب عن الطعام والذي انتهى بعد أن تم الاتفاق مع مصلحة السجون للبدء في اجراءات انهاء العزل بحقه، اليوم وبعد ثلاث سنوات تتحرك الفعاليات التضامنية لمناصرة قضية الأسرى عمومآ وضرار أبو سيسي خصوصا علها تصل هذه الأصوات إلى فاقدي الضمير.
يوضح رائد عامر مدير نادي الأسير في نابلس الدور النضالي للأسرى خاصة وان نسبة كبيرة منهم معتقلين منذ الانتفاضة الأولى والثانية، وتعرضهم للاعتقال والتعذيب من قبل قوات الاحتلال، وأشار عامر إلى أن السلطة الفلسطينية تقدر تضحيات الأسرى، وتعمل جاهدة من أجل تقديم كل ما يلزم لهم، وشدد عامر على دور المجتمع المحلي والفصائل في دعم نضال الأسرى المحررين وتقديم العلاج لهم حتى ما بعد حياة الأسر. 
ومن جانبه دعا نادي الأسير الفلسطيني ، الجامعة العربية إلى تبني قضية الأسرى بشكل عملي، وبما يساعد على تدويل هذه القضية.
معركة الأمعاء الخاوية :
على مدى صراعِ الفلسطينيينَ مع قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ خاض الأسرى الفلسطينيون في السجون معاركَ ضارية مع السجانين ومصلحة السجون، قضى خلالها أسرى فلسطينيين على طريق نيل الحرية.
لا يملك أسرى الشعب الفلسطيني في سجون الاحتلال أُي سلاح، فقط يملكون الارادةوالاصرار، فخاضوا معاركهم مع السجان بأمعائهم الخاوية ،فكثيرآ ما استهزأ السجانون بإرادة المعتقلين ،وكانت وسائل الدعاية التابعة للسلطات الإسرائيلية تحاول تحطيم معنويات الأسرى، وثنيهم عن خوض هذه الإضرابات.
فما من أحد يدرك و يفهم حقيقة قضية الأسرى مثلهم ، كيف لا وهم يعيشون فترات طويلة تصل الى عشرات السنين في هذه السجون فخبروها وعرفوا حقيقة معاناتها، في الضفة وغزة ، في الداخل الفلسطيني ،وخارج فلسطين وفي عواصم أوروبية، الجميع تحرك مع نبض الأسرى المضربين عن الطعام وخرج خلفهم ،خيمُ الاعتصام في كل مدن فلسطين مسيراتٌ واعتصامات، هتافات وصورٌ تعلق في وسط المدن ، حراكٌ حقيقي و أنشطةٌ جماهيرية كانت حاضرة مع الحدث وكان سلاح الاعلام الفلسطيني حاضرآ في هذه المعركة.


وسعت مصلحة السجون بوسائل عديدة لإفشال الإضرابات من خلال عزل قادة الحركة الأسيرة، وسحب وسائل الإعلام من غرفهم حتى تنقطع عنهم أخبارالعالم، وبث الدعايات أن اسرائيل لايمكن أن ترضخ لمطالبهم ،ولكن الأسير الفلسطيني وقيادته كانوا يتمسكون بمطالبهم ويصرون على خوضِ معركتهم حتى رضوخ مصلحة السجون لمطالبهم.
بالإضافة إلى الكثير من الأسرى الذين خاضوا الإضرابات المفتوحة عن الطعام احتجاجآ على الإعتقال الإداري والتعسفي ،منهم الأسطورة سامرالعيساوي الذي دخل موسوعة غينيس لخوضه أطول اضراب في التاريخ وانتصرعلى السجان، وكذلك معتصم رداد وابراهيم البيطاروعبد المجيد خضيرات وغيرهم.
وتشير الإحصاءات الدولية بأن مرض السرطان هو من أكثر أسباب الوفاة في العالم بالرغم من التقدم الطبي ؛فكيف سيكون حال الأسرى المرضى المصابين بالمرض مع الإهمال الطبي وتدني مستوى العلاج المقدمِ لهم؟ فلا عجب أن يحصد الموت أرواحهم خلال شهور قليلة.
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017