الرئيسية / مقالات
هل انتصرنا ؟ سامر عنبتاوي
تاريخ النشر: الأربعاء 27/08/2014 06:17
هل انتصرنا ؟  سامر عنبتاوي
هل انتصرنا ؟ سامر عنبتاوي

 
الاحتفالات في الشوارع ..المسيرات و ابواق السيارات ..الرايات مرفوعة و الحناجر تصدح ... منذ السابعة مساء ...انتصرنا انتصرنا ... وجوه الناس مبتهجة ..و على لسان البعض الآخر لماذا كل هذه الاحتفالات ..هل حقيقة انتصرنا ؟؟واجهنا الكثير من هذه الاسئلة : كيف تدعون النصر و قد خسرنا الشهداء و الجرحى و الايتام و المشردين و المباني المهدومة ؟؟ اين هو الانتصار ؟؟ فهل حقيقة انتصرنا ؟؟ 

 و من حقنا هنا ان نسأل ..هل هزمت الجزائر بأكثر من مليون شهيد ؟ و هل هزمت فيتنام عندما دمرت هانوي بالكامل و فقدت جزءا كبيرا من شعبها ؟ و هل و هل و هل ؟ بمعنى آخر هل انتصرت الشعوب بالورود و اماكن الترفيه و التعا يش مع المحتل و التطبيع و السلام المصطنع ؟ هل يقاس حجم الخسائر بالنسبة للشعب المقاوم بما يقابله من خسائر العدو ؟ و لوكانت القوة متساوية و متكافئة فلماذا يسيطر طرف على الآخر ؟ لا يا سيداتي و يا سادتي .. و الله ان دمنا ليس رخيصا و اطفالنا ليسوا لقطاء و حقنا في الحياة و الاعمار كحق باقي شعوب الارض و لسنا عشاق موت و انتحار ..و لكن هذا قدرنا نحن شعب محتل مسلوب الحرية يعامل بعنصرية و وحشية ..و انها من سمات انسانيتنا و احساسنا بالعزة ان نموت واقفين مدافعين عن ارضنا و كرامتنا و حقنا في البقاء و الوجود و الحرية . الم يقل شاعرنا : فاما حياة تسر الصديق و اما ممات يغيظ العدا ...
   و ان كان هذا الكلام يعتبره البعض عاطفيا و غير مقنع اسرد بعض الحقائق و النتائج ...
 
 - ان اهلنا في غزة لم يختاروا هذه الحرب و لكن فرضت عليهم فتصدوا لها ببسالة عالية ..و قد اعدت هذه الحرب العدوانية لتحقيق الكثير من الاهداف العدوانية و لكنها اصطدمت بالصمود و التحدي و افشلت هذه الاهداف و كان لا بد من دفع الثمن بالدماء الزكية الطاهرة و بالممتلكات و لا احد ينكر او يقلل من قيمة هذه التضحيات لا سمح الله .
 
 - لقد استشهد في الضفة العشرات قبل الحرب و اثنائها و تمت المداهمات و الاعتقالات بالمئات و لم تكن الصواريخ تطلق من الضفة و مع ذلك فالهجمة العدوانية طالت الكل الفلسطيني بهدف التركيع و فرض منطق القوة و الجبروت و انتزاع الاستسلام  و هذا لم يحصل  فقد ازداد الشعب ايمانا بحقوقه و تمسكا بثوابته و بقيت الضفة ايضا صامدة مقاومة تقاطع و ترفض الاحتلال .
 - هناك حقيقة ثبتتها نتائج هذه الحرب الدموية مفادها ان اي حرب تعلن لن تكون نزهة للمحتل و ان معادلة الصراع تحكمها خ
ادلة و ان زمن السيطرة و الاحتلال المباشر قد ولى و ان الثمن الذي يدفعه الاحتلال في اي مغامرة مستقبلية سيكون عاليا و اصبح يحسب الحسابات قبل اي عدوان و ان قوة الردع لجيشه تراجعت لادنى الحدود ..و ان هذا الجيش وقع في خيارات صعبه ..فهو لا يستطيع الهجوم البري الشامل لقناعته بحجم الخسائر الكبيرة التي ستدفع ..و لا يستطيع حسم المعركة بالهجمات الجوية لتراجع تأثيرها الميداني و اختصارها على الخسائر المدنية و تنامي المعارضة العالمية لهمجيتها ...و هذا الجيش لا يستطيع البقاء طويلا ضمن حرب استنزاف تربك الجبهة الداخلية و الاقتصاد و التماسك في القيادة السياسية و العسكرية .. و كذلك الخيار الاخير الذي ذهب اليه مجبرا بالتفاوض على وقف النار و بالتأكيد هذا التفاوض لن تكون نتائجه في مصلحته ضمن المعطيات السابقة  و هذا ما تحقق . 
 -رغم المآسي و حجم الدمار ..اثبتت وقائع الامور تماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية و الالتفاف حول المقاومة ..في مقابل تهتك الجبهة الداخلية لدى المحتل و تضارب المواقف العسكرية و السياسية و هبوط الحالة المعنوية لدى الناس و الاحساس بالرعب و عدم الامان و تحميل جزء كبير من المسؤولية للقيادة السياسية و العسكرية ...و في المقابل تنامت وحدة الموقف الفلسطيني و تحقق الانسجام بين المقاومة و القيادة السياسية و تناغم موقف الوفد الموحد رغم محاولات العبث ..و كل محاولات عزل الموقف و الوفد الفلسطيني الا انها بائت بالفشل و في المقابل عزلت المواقف الاسرائيلية.
 -ارتفع السقف الفلسطيني من تمايز و تعارض في المواقف و من حالة المفاوضات العقيمة ضمن موازين القوى المختلة الى مواقف اكثر صلابة و تماسك مبنية على مبدأ مقاومة المحتل لا مفاوضته ضمن الصيغ السابقة و عند المفاوضة تكون مدعومة بالتمسك بالمواقف الثابتة و مدعومة من مباديء المقاومة .
 
 - هذه الحرب العدوانية الثالثة على قطاع غزة  و في كل مرة و جدت دولة الاحتلال ان المقاومة اصلب و اقوى من سابقتها و اكثر تنظيما و تخطيطا و قدرة على المواجهة طويلة الامد ..و اكثر تلاحما مع المواطنين ..و قد حاولت ضرب الحاضنة الشعبية و و الاخلال بالعلاقة مع الجماهير دون طائل . 
 
 - الصمود و الثبات اربك المخططات الاسرائيلية التي بنت عليها  خططها المستقبلية و التي اصطدمت بالوقائع على الارض و وضعت الحكومة و رئيسها في ارباك وان محاولات عزل غزة عن الضفة بائت بالفشل بل على العكس توحد الجميع على مباديء مواجهة الاحتلال و رفضه حتى زواله .
    
 و اقول لمن لا يزال لديه شك ان الحالة الفلسطينية الآن و بعد هذا العدوان هي افضل بكثير مما كانت عليه ..فهناك الاحساس بالعزة و الكرامة و الثقة بالنفس و الايمان بالقدرات ...و هناك تمسك اكثر بالثوابت ..و توجه اكبر نحو توحيد المواقف لانجاز برنامج سياسي موحد ...و قدرة اكبر على ايصال الرسالة للعالم بشكل موحد ..و هناك تفويض من كل القوى للرئيس لتوقيع ميثاق روما و محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم ...و هناك مقاطعة شاملة لبضائع الاحتلال في الضفة و القطاع تكبر يوما بعد يوم ككرة الثلج ...و هناك ايمان اكثر عمقا و رسوخا بتحقيق النصر و الخلاص من الاحتلال الذي نمى القناعة لدى الشعب بعدم الامكانية للتعايش معه .
 
   رحم الله شهدائنا و شفى جرحانا و لتعمر غزة من جديد  و لتحقق الوحدة الوطنية الشاملة و ليوحد البرنامج و الخطاب السياسي و نعم و نقولها بكل فخر لقد لاطم الكف المخرز و انتصر الدم على السيف ...لقد انتصر الشعب لنفسه و حقق ذاته ...لقد هزمت كل محاولات كي الوعي الفلسطيني للاحساس بالهزيمة و بالمقابل تم كي الوعي الاسرائيلي ...لقد ثبت للعالم ان الشعب الفلسطيني هو شعب حي صامد يدافع عن اصدق قضية في التاريخ و اكثرها عدلا و انه تعرض لظلم تاريخي و لكنه لم يستسلم و لم يستكين ..و اقول نهاية ...لم تنتصر غزة فقط بل قولوا بمليء الفيه ...لقد انتصرت فلسطين...
 
                             
mildin og amning graviditetogvit.site mildin virker ikke
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017