الرئيسية / مقالات
المدارس والإجتهادات المتناقضة
تاريخ النشر: الثلاثاء 27/10/2020 08:15
المدارس والإجتهادات المتناقضة
المدارس والإجتهادات المتناقضة

بقلم: مفيد جلغوم
المتابع لأحوال التعليم في المدارس الحكومية الفلسطينية هذه الأيام يلاحظ تعدد الاجتهادات المتناقضة؛ الفردية والجماعية والحكومية، ناهيك عن آراء أولياء الأمور أيضا. لقد أصبح المشهد مقلقاً ومربكاً لسائر مفردات العملية التعليمية، ويلقي بظلاله السلبية على مخرجات التعليم الفلسطيني الذي كثيراً ما نفتخر به.
فما سمات المشهد في المدارس الحكومية؟ وما أسباب الاجتهادات المتعددة والمتضابة؟ وهل من حلول لعودة انتظام الدوام بالشكل المعهود؟
في البداية نستعرض المشهد الحالي في المدارس الحكومية الفلسطينية، خاصة محافظات الضفة الغربية التي تشهد تشويشات واضحة في دوام المعلمين. فقد بدأت عودة الطلاب الى مدارسهم على مراحل ثلاث بسبب جائحة كورونا، وقد اتخذت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية اجراءات صحية متعددة من أجل عودة آمنة للطلاب ومعلميهم، والحد من انتشار العدوى من خلال المدارس، وما زالت الأمور تسير بشكل جيد في هذا المجال رغم المخاطر المحدقة بهم.
عصفت الضائقة المادية التي يعاني منها الموظفين عامة، والمعلمين خاصة؛ كون رواتبهن من أضعف الرواتب وبالتالي أكثر عرضة للضائقة المالية، ومن هنا كانت دعوات متعددة فردية وجماعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة براتب كامل لهم أو عدالة أكثر في التوزيع، يفوق انصاف الرواتب التي يتقاضونها منذ عدة أشهر، الا أن ذلك لم يحدث، ومن هنا أصبحت الدعوات للاضراب الجزئي بعد الحصة الثالثة تلاقي القبول ومن ثم تم تطبيقها بشكل كلي أو جزئي في مئات المدارس مع زيادة أو تراجع في الاعداد، وتركزت في مدارس الذكور أكثر من مدارس الإناث. وما زالت الاضرابات الجزئية مستمرة حتى كتابة هذا المقال رغم معارضة الوزارة لذلك وارسال كتب لكل معلم مضرب أو كما أسمته الامتناع عن العمل.
في نهاية الاسبوع الماضي أدلى الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين بدلوه في هذا الشأن، بعد فشل جهوده مع الحكومة الفلسطينية لدفع راتب كامل للمعلمين كما أشاع سابقاً، وبعد مناشدات متعددة باءت بالفشل، مما حدى به الدعوة الى التعليم الالكتروني من المنازل لمن استطاع اليه سبيلا، وذلك لأن القوانين في حالة الطوارئ تمنعه من اعلان الاضراب كما جاء في بيانه، وحدد موعداً لتنفيذ ذلك غداً الثلاثاء، وذلك لإعطاء الحكومة الفلسطينية وقتاً كافياً لإيجاد حل ما على ما يبدو.
إزاء هذان الرأيان المتضاربان بالاضراب الجزئي أو إغلاق المدارس بطريقة ذكية جاء رد وزارة التربية والتعليم من خلال بيان اعلامي مقتضب تدعو فيه الى الاستمرار بالتعليم الوجاهي والاستمرار بخطة الوزارة التي اقرها مجلس الوزراء منذ بداية العام الدراسي.
إضافة الى هذه الآراء الثلاثة التي عرضناها أعلاه إجتهد أولياء أمور الطلبة أيضا للرد على هذا التشتيت لأبنائهم، ودعوا الى الأجراء الأسهل لهم وهو التعليم الوجاهي الذي ألفوه دائماً، ويريحهم من أعباء التعليم الالكتروني الذي يتطلب مقومات قد لا تكون متوفرة للجميع، أو قد تكون صعبة عليهم، ومن هنا التقت آراؤهم مع طرح وزارة التربية والتعليم، وتناسوا أن للمعلمين مطالب لم يتم النظر اليها من جانب الحكومة، كما أنهم أغفلوا أن مستقبل ابناءهم مرتبط بإنتظام دوام المعلمين، وبنفس الوقت عبروا عن ضعف دور مجالس أولياء الأمور الذي كان يمكن لهم من خلاله طرح مبادرات خلاقة وايجابية لصالح انتظام الدوام، بما يحقق الفائدة للمعلم والطالب معاً.
غدا الثلاثاء نحن على موعد مربك ولمشاهد جديدة في المدارس، فبعضها مفتوح أو مغلق بالكامل، وبعضها مشوش لتصبح الصورة في جملة المداس بين الحالات الاتية:
• مدارس مفتوحة، والتعليم فيها وجاهي كامل.
• مدارس مغلقة، وتتحول للتعليم الالكتروني(التعليم عن بعد).
• مدارس مضربة اضراباً جزئياً بعد الحصة الثالثة (نصف دوام).
• مدارس منقسمة على نفسها بين الدوام والاضراب، أو بين التعليم الوجاهي والالكتروني، أو بين الاضراب والالكتروني.
حتى الآن لا يوجد أمل بتراجع أي من الاطراف الثلاثة المتضاربة عن موقفها، ويبقى النقاش محتدماً، وكل مجموعة تدافع عن مصالحها، أو تعمل ضد المجموعة الاخرى، فيما التعليم الرسمي ومستقبل طلابنا يتغنى به الكل لكنه هو الخاسر الأكبر. ومن هنا نقول "اليس فيكم رجل رشيد" يقترح حلاً عادلاً أو مقبولاً يعيد الأمور الى نصابها المنطقية قبل فوات الأوان، أم أن كل طرف سيتمسك بموقفه لأطول فترة زمنية متوقعاً أن الطرف الآخر قد يخسر السباق؟

 


 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017