الرئيسية / مقالات
ثلاثة فرسان مالكية لحقوا عماراً ليحموه مرشد ولطفي ومحمد ...لم يتركوا عماراً وحده
تاريخ النشر: اليوم الساعة 10:06
ثلاثة فرسان مالكية لحقوا عماراً ليحموه مرشد ولطفي ومحمد ...لم يتركوا عماراً وحده
ثلاثة فرسان مالكية لحقوا عماراً ليحموه مرشد ولطفي ومحمد ...لم يتركوا عماراً وحده

وفاء المالكي
في قريةٍ الأرض فيها ليست مجرد حدود على الخريطة استشهد الطفل عمَارحمايل ذو الوجه البريء برصاصة غدر نالت منه، فبرائته لم تحميه من وحشية الإحتلال، ورصاصة لا تميز بين الطفولة وواقعنا المر والقاسي أسكتت أحلام عمَار.
عمَار كان لديه أحلام فهو أحد أبطال المنتخب الفلسطيني في رياضة "المواي تاي" كان يضع علم وطنه على ملابسه أينما ذهب ليمثل فلسطين، طفلاً متفوقاً لديه العديد من الشهادات التي حصل عليها، خزانته مليئة بالميداليات الذهبية والفضية.
كان يمثل وطنه أينما حلَ في مباريات المواي تاي، فعندما يعتلي حلبة اللعب كان يقاتل دفاعاً عن وطنه لا من أجل كسب لقب الفوز، فآخر مباراة له كان غريبة من نوعها مباراة مع الحياة على أرضه، مباراته الأخيرة لم تكن اعتلاءه لحلبات اللعب، بل كانت مواجهة كسب فيها فوز الشهادة، استشهدَ عماربضغطة على زناد البارودة كانت ضغطه دون ضمير.
قريةٌ صغيرة لم تكد دموع أهلها أن تجف على عمَار إلا أن التحقوا به ثلاثة شبان من زينة شباب القرية، ثلاثة أحلام وثلاثة قصص لحقت بحلم عمَار، يوماً واحداً لم تكمله كفر مالك في الحداد على الطفل ذو الثلاثة عشر ربيعاً، إلا أن ثلاثة شبان لا يحملون سلاحاً بل يحملون حباً وانتماءً لأرضهم، تصدوا للطغيان الغاشم دفاعاً عن عرضهم وأرضهم.
هؤلاء الأقمار لم تمر ليلة واحدة على تشييعهم لجنازة الطفل عمَار ودمعتهم التي امتزجت بالتكبيرما إن حُولت لدموع فخر وعز ذُرفت عليهم في ليلةٍ وضحاها، احلامهم التي لربما كانت زواج أوبيت اوطفلاً صغيراً يسمونه عمَارتيمناً بالطفل عمار كلها مُزقت وقُتلت.
ففي وطني الطفولة تدفن وتقتل بدمٍ بارد، أربعة أقمار زفتها بلدة كفر مالك في يومين، أضاءو سماء الوطن بأكمله لا سماء القرية فقط، فالفارق يوم والوجع دهر والحزن أكبر من أن يكون أياماً ويُنسى.
مرشد حمايل ومحمد الناجي ولطفي صبري لم يعلموا أن خطواتهم في جنازة عمَار كانت أولى خطواتهم إلى جنات الخلد، كفرمالك حملت حزناً لا تقدر عليه الجبال، رحلوا وتركوا خلفهم وجعاً لو وزّع على جبل لانهار.
حمايل الذي رحل تاركاً خلفه زوجتة المكلومة أماً لثلاثة أطفال أكبرهم سيلين ذوات الخمس سنوات التي لم تطفى شمعة ميلادها السادسة بعد، وأوسطهم نايا ثلاثة أعوام أما أصغرهم عاماً لا زال يتلعثم عندما ينادي بابا، هؤلاء أطفال مرشد الذين لا يعرفون معنى الموت، وأن أباهم لم يعود أصبحوا يتامى لمسكنٍ يتيم الدفىء، رحل مرشد عن أهله لكنه ترك خلفه ثلاثة شموع ستضيء الطريق من خلفه.
أما محمداً فهو طالب جامعيّ حقيبته الجامعية مليئة بالكتب لا السلاح، كان حلمه بسيطاً وهو لباس روب تخرج و ليس كفن، إلا أن رصاصة بني صهيون لم تسأله عن حلم ولم تنتظره حتى ينهي جامعته.
محمد سمع بأن هناك هجوماً استيطانياً على قريته التي تتربع على تل العاصور، وأن الهجوم قد اقترب من سكان اهل قريته نساءً وأطفالاً، هبَ مسرعاً الى المكان تاركاً كتبه وحقيبته جانباً، ووقف في وجه العدو كما يقف شجر الزيتون شامخاً، إلا أن الرصاصة تمكنت منه، وحلمه لم يتحقق ومشروعه التخرج لم يسلمه بل سلَم روحه فداءً لوطنه، محمد فاز بحلم أعظم من ما كان يتخيّل وهو الشهادة.
أما لطفي الشاب الخيال، البسيط الحنون كما وصفوه أقاربه وأهل بلده لم يكن يعلم أن رصاصة ستسكت صهيل خيله في فراقه، وستسكت صوت أمه، أمه التي لم تسمع منها سوى "مع السلامة يا حبيبي يا لطفي"، نعم توقف قلب لطفي الأوفى والأنقى من الخيل التي كان يرافقها وتوقف نبضه وأعدموا حلمه وتركوا خيله يتيماً، رحل رحيل يليق بالفرسان رحيل يليق بشخصه الطيب.
أي ذنب اقتُرف من قبلهم لتُنهَى حياتهم برصاصة؟
هل أصبح الدفاع عن الأرض جريمة مصيرها الإعدام برصاصة طائشة؟
هل أصبح الدفاع عن الأرض يعاقب بالموت في بلادنا؟
انتهت حياة أربعة أرواح كان لكل منهم قصة وحلم ، ذهبوا بأجسادهم وبقيت أرواحهم فينا، فمن يموت دفاعاً عن عرضه وأرضه يبقى مخلداً ولو مرّ على فقدانه مئات السنين.
فليخلدو بسلام "روح وريحان وجنة نعيم".

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017