الرئيسية / ثقافة وأدب
بحث تاريخي يتناول سيرة أحمد جبر آخر زعماء مشاريق نابلس
تاريخ النشر: الأحد 21/08/2016 12:39
بحث تاريخي يتناول سيرة أحمد جبر آخر زعماء مشاريق نابلس
صورة من مدخل السيباط في بيت فوريك وهو قصر أحمد جبر (تصوير إسراء غوراني)

نابلس- أصداء- أجرى الباحث المهتم في التاريخ العثماني غسان محمد دويكات بحثا تاريخيا يتناول سيرة أحمد جبر آخر زعماء "مشاريق نابلس"، وهو من بلدة بيت فوريك شرق نابلس، حيث يكشف البحث العديد من الجوانب حول هذه الشخصية التي كان لها الأثر الكبير في تاريخ مشاريق نابلس في عهد الدولة العثمانية، ومشاريق نابلس مصطلح يطلق على 32 تجمعا سكانيا تقع في أقصى جنوب شرق لواء نابلس.

 

يهدف البحث الذي يحمل عنوان (أحمد جبر آخر زعماء مشاريق نابلس 1235هـ/1819م – 1326هـ/1908م) حسب الباحث غسان محمد عبد الحليم دويكات لكشف بعض الجوانب حول أحمد جبر، وهو شخصية لم تحظ بالدراسة من قبل، وعِدا أن زعامته ونفوذه كانت امتداداً لنفوذ جده ووالده فقد ساعده بذلك مكانته الإدارية وشخصيته الطموحة والمؤثرة.

 

ويقول دويكات في ملخص بحثه "إن الحديث عن أحمد جبر باعتباره حلقة وصل ما بين المستويات العليا من رجال حكم ورجال مال وتجارة وما بين المستويات الدنيا من أهالي القرى والمزارعين بما فيهم مخاتير العائلات والوجهاء وأرباب الأموال في مشاريق نابلس، كشف لنا بالضرورة جانباً مُهماً ومُهملاً ولكن مُفصلاً من تاريخ الناس العاديين والمغيبين عما اعتدنا عليه عند كتابة التاريخ الذي اقتصر عادة بالحديث عن الأحداث المهمة والزعماء والقادة".

 

ويضيف في ملخصه: "وللحقيقة لعب حجم ونوع البيانات المتوفرة – خصوصا سجلات المحكمة الشرعية في نابلس - دوراً في جعل البحث يخرج في خمسة محاور رسمت صورة واضحة لهذا الرجل، وبالضرورة كثير من صور الحياة اليومية لكثير من الناس العاديين في مشاريق نابلس في تلك الفترة الزمنية".

 

وفي الخلاصة قال الباحث إن البحث انتهى بالكشف عن الجوانب الأُسرية الشخصية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية لشخصية أحمد جبر حج محمد في بيت فوريك، وبيّن شكل العلاقات بين المستويات الدنيا للسكان من فلاحين وأهالي قرى المشاريق أصحاب الجهد الحقيقي في عملية الإنتاج، وبين المستويات الأعلى وهم مخاتير العائلات والقرى وأرباب الأموال، والإداريين الأعلى مثل أحمد جبر هنا.

 

كما وضح أسباب العلاقة التي جمعت بين الناس العاديين الواقعين تحت ضغط الحاجة، وبين أرباب الأموال والإداريين الذين قدموا هذه المساعدة من خلال عقود السَلَم، والبيع الوفائي، والقروض الشخصية، ورهن الأراضي، والدّين.

 

وتتبع البحث عملية صعود أحمد جبر التي بدأها مستنداً على نفوذ جده ووالده أصحاب السلطة والنفوذ في المنطقة سابقاً، وامتلاكه الطموح والقدرة على التأثير والجاذبية التي جعلته عنواناً يقصده الكثيرون ليس من أجل المال فحسب بل لحل خلافاتهم الشخصية وتبني قضاياهم، وهو بذات الوقت فهم ووعى عملية الإصلاحات والتجديد في الدولة، إذ لم يرد أنه أستغل نفوذه للبطش أو للنهب، بل وقف في المحكمة أمام الذين أدعوا عليه ورد دعوى البعض منهم بالحجة والبرهان، وأحياناً فشل بذلك فكان يُحكم عليه، ولم يرد أنه تمرد على حكم المحكمة.

 

وتوصل الباحث إلى أن عملية الصعود الاجتماعي لأحمد جبر – إن جاز التعبير – ونفوذ أسرته وحالته المالية، تمهيداً لتوليه الالتزام لثلاث سنوات كانت كافية لدخوله لعالم المال والتجارة، فأخذ عقود سَلَم وأموال من التجار في المدينة وبشكل أكبر من محمود النابلسي، وبالمقابل قام بإعطاء عقود السَلَم والبيع الوفائي والرهن والقروض والدّين لكثير من الفلاحين وأرباب المال الأصغر في القرى، وهنا كان مكمن الخطر لدى احمد جبر، إذ بدأ يعطي بكثرة ولسنوات عديدة وقبل أن يبدأ بالتحصيل، وأقصد هنا التحصيل الذي من خلاله يستطيع الوفاء بما عليه من عقود سَلَم.

 

وأضاف: "وفي الوقت الذي كان سهلاً على كثير من الفلاحين التملص والهرب من دفع عقودهم لأحمد جبر ولو لفترة وجيزة، فقد كان صعباً على أحمد جبر التملص من عقود السَلَم المسجلة عليه، وهو على كل حال - بعكس كثير من الفلاحين - كان لديه خطة طوارئ تمثلت ببيع جزء كبير من أراضيه وعقاراته لسداد الديون، كما أن وضعه الاجتماعي والاقتصادي وسمعته مكنته من الاستمرار ومحاولة البدء من جديد، الأمر الذي لم يستطعه كثير من الفلاحين".

 

وخلص البحث إلى أنه بموت أحمد جبر انتهى عصره، بالرغم من محاولة ابنه سليم لأخذ مكانه، إلا أنه لم يتمتع بصفات والده – وإن كان له قدرات مالية تؤهله لذلك – وللحقيقة أن ظروف الدولة العثمانية أصلا قضت على أي فرصة له، فانقلاب الإتحاديين على السلطان عبد الحميد، ثم دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى لاحقاً وما ترتب عليها من نتائج حال دون أشياء كثيرة، وأدخل مشاريق نابلس كجزء من فلسطين بطبيعة الحال الى مرحلة جديدة فاصلة بين زمنين.

 

 

mildin og amning mildin creme mildin virker ikke
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017