الرئيسية / الأخبار / فلسطين
مجرد مسمى شرعي عقوبة الإعدام إلى متى تبقى متوارية عن الأنظار
تاريخ النشر: الخميس 02/10/2014 12:32
مجرد مسمى شرعي عقوبة الإعدام إلى متى تبقى متوارية عن الأنظار
مجرد مسمى شرعي عقوبة الإعدام إلى متى تبقى متوارية عن الأنظار

 إعداد: وفاء ابعيرات

 

كثير من تشريعات الإسلام لم تطبق ولو طبقت لاختلف عليها، ولكن أن يغدر بأحد أفراد عائلتك ويموت قتيلاً وتبقى فيما بعد المداولات فيما إذا سيتم عقد "عطوة" والمجني عليه في السجن لسنوات فقط، هو أمر مربك بالنسبة إلى جميع من مر بهكذا ظرف قاسي.

 

حالات قتل تزداد و حالات قتل سبقتها، واقع أصبح فيه القانون يخدم الجاني و يخذل المجني عليه، و يضعه ضحيةً دون إنصافه،

قتل على خلفية الشرف، وقتل بسبب الدفاع عن الأرض، جرائمٌ تتستر خلف مسميات تحمي مرتكبيها من قانون العقوبات رغم أنها جريمة يحاسب عليها القانون.

 

غياب عقوبة الإعدام عن الساحة القانونية الفلسطينية هو مجرد انعكاسٍ لغيابه عن الساحة المجتمعية ككل، فالكثيرون يطالبون بشرعية وضرورة سن عقوبة الإعدام ولكن لا من مجيب.

 

ما بين معارض ومؤيد

 

 خبراء قانونين  يؤكدون أن الارتفاع المستمر في جرائم القتل هو بسبب عدم وجود الرادع الذي يمكن أن تمنع الشخص من الإقدام على ارتكاب جريمة ما، وذاك لخوفه من العقوبة.

 

ويطالب الخبراء بضرورة العمل على سن قانون عقوبات جديد لضمان منع  هذه الجرائم وليشكل زجراً و ردعاً لكل من تخوله نفسه للإقدام على جرائم كهذه، أو مجرد التفكير بذلك.

 

المحامي الجنائي في جامعة النجاح الوطنية علاء بني فضل يقول "أنا أدعو إلى تنفيذ عقوبة الإعدام فهي من أكثر العقوبات ردعاً للقتل والاغتصاب، فهي صورة تؤدي إلى ردع المجرم، وردع أفراد المجتمع ككل".

 

ويكمل"عقوبة الإعدام لم تطبق إلى الآن في الضفة الغربية لأنه يوجد أمر عسكري مطبق في الضفة،  ففي عام 1967 أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي أمر عسكري رقمه 268 لعام 1968 ألغى عقوبة الإعدام".

 

عقوبة الإعدام بالقتل تكون واجبة في حال كان القتل مع سبق الإصرار، بمعنى آخر أن يكون الجاني مخطط للجريمة فهنا يطلب من القضاء معاقبته عقوبة مشددة و هي الإعدام.

 

و يرى بني فضل أن حالة الإنقسام الفلسطيني  عام2006 - 2007، أدت إلى تعطيل المجلس التشريعي، وهو جهة قانونية مخولة بالتصديق والموافقة على أي تعديل قانوني، بالتالي لا يُمكن تعديل القوانين الفلسطينية أو إقرار قوانين جديدة بدون موافقة المجلس التشريعي المعطل، وواقعنا الفلسطيني بحاجة فورية لانتخابات تشريعية جديدة لهذا الغرض.

 

ترى عضو المجلس التشريعي سميرة الحلايقة أن عقوبة الإعدام فعلياً لا يجري تنفيذها إلا بمصادقة من المجلس الرئاسي فالمجلس التشريعي من هذه الناحية معطل وجلسات المجلس التشريعي لم تناقش هذا الموضوع منذ سبع أعوام".

 

وتضيف"المنفذ الوحيد لتطبيق هذه العقوبة هو وجود موافقة رسمية، والمجلس التشريعي يستند في قرارته إلى السلطة في الضفة الغربية ".

 

العين بالعين و السن بالسن و البادي أظلم هو نهج يرى فيه كثيرون حلاً مرضياً فالقصاص ورد ذكره في القرآن الكريم لحكمة ما.

 

وتعتبر عقوبة الإعدام من العقوبات المثارة للجدل وتعد من أقدم العقوبات التي عرفتها البشرية، فالشرائع السماوية  بينت هذه العقوبة، مثلاً اليهودية والمسيحية نادت بضرورة عقوبة القاتل بالقتل، ثم بعد ذلك جاء الإسلام ليبين العقوبة من خلال آيات من القرآن ( وكتب عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين).

 

 فمنذ بداية القرن العشرون بدا أن هناك اتجاهاً عالمياً واضحاً لوضع حد لهذه العقوبة فكانت البداية في عام 1948 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة رقم (5) التي نصت على أنه " لا يُعرّض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات القاسية أو الوحشية " حيث اعتبر الفقهاء هذه العقوبة تندرج تحت هذه المادة.

 

الإعلامي عبد القادر عقل بدأ كلماته قائلاً: "لا بد من تطبيق حكم الإعدام فوراً" مشدداً على الحاجة الماسة لذلك كونه يشكل رادعاً قوياً للمجرمين والقتلة.

 

 ويشير عقل إلى أن حالات القتل تزداد خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في محافظات الضفة الغربية، متسائلاً يا تُرى لو رأى هؤلاء القتلة من سبقهم وارتكب القتل العمد، ونال عقوبة الإعدام، هل سيقدمون على القتل؟.

 

 ويجيب عقل على التساؤل بنفسه فيوضح أن الإعدام يعني النهاية ولا أحد يضع حداً لحياته بنفسه، واستمرار عدم تطبيق عقوبة الإعدام سيؤدي إلى تصاعد حالات القتل فيصبح "كشربة ماء" على حد تعبيره.

 

 مشيراً إلى أن أي قاتل من الممكن أن يفكر بالثأر متحملاً تبعاته التي تقضي في الوقت الحالي حبسه عدة سنوات فقط، ثم سيخرج للحياة الطبيعية وتحميه السلطات وفق القانون المعمول به بعد نهاية محكوميته.

 

 

أما المحامي أشرف جبر قائلاً " أنا مع  الإعدام وذلك لعدة أسباب فالدين أجاز القصاص لقوله تعالى "و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" وهذا تطبيق لشرع الله، و أيضاً حتى يكون الجاني عبرة لغيره، فعقوبة الإعدام يجب ان تكون حازمة ورادعه ليس للجاني فقط وإنما للمجتمع بأسره".

 

مضيفاً بأنه لا يمكن اعتماد عقوبة الإعدام  بدون موافقة الرئيس الفلسطيني، فالسلطة علي قناعه تامة بان تطبيق الإعدام هو أمر ايجابي لغايات الردع، ولكن المصالح الاقتصادية والمعونات الخارجية الأوروبية هي التي تمنع السلطة من تطبيق الإعدام، وبالتالي لا يمكن الضغط بموضوع زيادة عدد حالات القتل، لان الموضوع مبني علي المصلحة الاقتصادية للبلد.

 

وبالرغم من وجود جدل حول عقوبة الإعدام، إلا هناك الكثير ضد هذه العقوبة ظناً منهم بأنها لا تعتبر حلاً جذرياً للتخفيف من جرائم القتل، ولا يمكن الرجوع عنها.

 

من جهته أعرب المحامي في الهيئة المستقلة في رام الله غاندي أمين عن تحفظه على تطبيق عقوبة الإعدام في فلسطين، مضيفاً: "يُمكن تعديل القوانين وإحقاق الحق، وردع القتلة واللاحقين منهم ومكافحة الجريمة، بدون عقوبة الإعدام الفوري"، ملمحاً إلى ما أسماه "العقوبة المشددة"، ويشير  إلى أن حكم المؤبد، وحكم المؤبد مدى الحياة في حال تطبيقها فهي تعني أن يقضي الإنسان معظم حياته أو كلها داخل السجن لما اقترفته يداه، وبالتالي يمكن الاستغناء عن عقوبة الإعدام التي يصفها كثيرون بأنها قتل مقابل قتل.

 

ويوضح مجموعة من الأسباب التي تمنع الحكومة الفلسطينية من تطبيق عقوبة الإعدام تتمثل في مناهضة للتوجه الدولي الإنساني لعقوبة الإعدام وهو ما عبر عنه القانون الدولي، فالمعروف أن الدول التي لا تطبق هذه العقوبة حيث اتضح أنها شكلت رادعاً أكثر من الدول التي طبقتها.

 

و من ناحية أخرى فإن السبل لتخفيف جرائم القتل كما يوضح أمين هي العمل على صياغة دراسات اجتماعية ذات علاقة بإصلاح الذات و التنمية المجتمعية، فبرأيه برنامج الـ 25 سنة رادع كافي لاقتراف الجاني جريمة أخرى.

 

و ينوه إلى أن عقوبة الإعدام لا تخلو من الأخطاء فقد تحدث أخطاء أثناء التنفيذ أو خلال المحاكمة، لأنها كعقوبة خطيرة ولا يمكن العودة عنها إذا حدثت أخطاء أثناء المحاكمة، فالشريعة الإسلامية لا تطبق قطع الأيدي ولا قطع الأرجل من خلاف فكيف بها أن تطبق عقوبة الإعدام مرة واحدة هذا ما عبر عنه أمين.

 

و يؤكد أمين بأن إحدى أهم خطوات تنفيذ الإعدام هي موافقة الرئيس.

 

 

 

الإعدام و الشريعة

المحاضر في كلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية صايل إمارة يقول "من وجهة نظر الشريعة هناك مفهوم القصاص الذي ينص على أن القاتل يُقتل، وبالتالي فإن الإعدام لا يخالف الشريعة الإسلامية، ولكن القانون الفلسطيني يخالف الشريعة في كثير من الأمور، وهذه هي العلمانية حرب على القيم والمفاهيم الدينية".

 

و يستكمل إذا كانت العقوبة أضعف من الجريمة فإن حالات القتل والجريمة ستزداد، لذلك يجب أن تكون العقوبة متساوية مع الجريمة، فعدم الأخذ بعقوبة الإعدام هذا يزيد من ارتكاب الجرائم وارتكاب المشاكل، واخذ الثأر بالثأر، وإزهاق الأرواح لكثير من الأبرياء.

 

 فعقوبة الإعدام هي رادعة وهي عقوبة جاءت شرعاً و لا يجوز إلغائها لا شرعا، ولا قانونا، ذلك لأنها عقوبة ربانية  شرعها الله سبحانه وتعالى وهو أعلم بما يصلح للعباد.

 

ويضيف أن القتل على خلفية الشرف أصبح يثير إشكالية كبيرة، فهنا يجب ترك الأمر للقضاء، خاصة وإن لم تكن الفتاة متزوجة فعقوبتها ليست القتل، فالمسألة في مجتمعنا أصبحت عادات أكثر منها دين.

 

إذا كنا نرى أن الغرب متطور الحضارة، ونقلده في معظم الأشياء، ونطمح لأن نكون مثله، فإن عقوبة الإعدام مطبقة في كثير من الدول الغربية.

 

سوء التربية دافعٌ لجرائمهم


تعتبر جرائم القتل من أكثر الأمور التي تهدد  استقرار  وقوة 

المجتمعات  والتي يجب الوقوف عندها  ملياً من حيث الأسباب  والمسببات،  والحلول من  الناحية التربوية  بعيداً  عن أروقة القضاء.

  فالقتل  هو مرض  عضال إذا  ما استفحل  أصبح  المجتمع  كالجسد  الخائر الذي لا يقوى على الحراك.

 

الأستاذ التربوي في التنمية البشرية مخلص سمارة يقول "إذا  ما أردنا  الوقوف عند جرائم القتل وأسبابها فمن المهم  جداً  الوقوف عند المراحل التي سبقت جرائم القتل، وهنا اقصد البيئة التربوية في البيت، والمدرسة، والجامعة، والمجتمع، ومن ثم ضرورة النظر  إلى مدى وجود  القيم والمبادئ الأخلاقية لدى  كافة  المواطنين بغض النظرعن مراحلهم العمرية. 

 

موضحاً لعل  الجريمة التي تفوق جريمة القتل  من وجهة نظري هو السكوت عن كثير من السلوكيات، والتصرفات التي يقوم بها الكثيرون في مجتمعنا الفلسطيني، والتي في أغلبها تكون مقدمات وإرهاصات لجرائم قتل فيما بعد، فالبعد عن الأخلاق والتربية السليمة وغياب المتابعة البيتية والأسرية، وغرس ثقافة الحقد  وتغييب الوعي الديني هي بحد ذاتها  مقدمة لكافة جرائم القتل.

 

ويتابع من المهم قوله أيضاً في هذه القضية بأن الكثير  من الآباء و الأمهات ومن خلفهم المجتمع  يصنعون  المجرمين من خلال  الإهمال، والحرمان،  والتحريض،  والتعبئة  السلبية، ورسم  الصور  السوداء القاتمة، وإحلال ثقافة  الرد بالمثل،  وربط ردات الفعل  العنيفة بقوة الشخصية  لنجد أنفسنا بعدها إمام  جريمة بلا جرائم  بأشكال متعددة.

 

ولعل السؤال الآخر من وجهة نظر سمارة ما  الطريق إلى مجتمع بلا جريمة فإني أقول  هناك طريقان يسبق إحداهما الآخر فأما الأول  فهو يتمثل  في  تعزيز القيم والمبادئ والأخلاق الدينية  منذ الطفولة، وعلى الصعيد الثاني  فإن  الجريمة  قد لا يكفيها  الجوانب التربوية  لكبح  جماحها إذاً لا بد  من سلطة القانون  والقوة  والعودة أيضا إلى  الأحكام الشرعية  التي تكفل الحقوق   وتحقن الدماء وتردع المجرمين.

 عقوبة  الإعدام   لكل قاتل  هي  زاجر ورادع  لكل من  تسول له نفسه العبث في  أرواح وأعراض وحياة  البشر،  بشرط أن لا يأخذ كل منا القانون بيده  بل  العمل على تطبيق القانون ضمن  مساراته  الرسمية هذا ما عبر عنه سمارة. 

 

 أصبح من المعتاد على الساحة الفلسطينية أن تقوم عائلة القاتل بدفع مبلغ من المال(عطوة-دية) لذوي الضحايا، ثم تسدل الستار وكأن شيئاً لم يكن، وكأن كل من يريد أن يأخذ حقه بيده يعطى صك مرور لذلك.

 

 

كم من روح زهقت وستزهق؟، كم من جسد سيموت ضرباً بالرصاص تحت ذرائع الشرف وغيرها؟، وكم من شخص سيصنف على أنه مجرم؟.

 

هل من الممكن أن يعاد صياغة قانون جديد لتطبيق حكومة الإعدام مع النظر أن يكون القانون واقعي وليس من نسج الخيال؟.

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017